مقاومة التدخين - أين (الرسالة)؟ سنعرف الأدب في أيام الشدة
كما عرفنا في أيام الرخاء
مقاومة التدخين
في العام الماضي قام الدكتور شخاخيري بتأليف رابطة لمقاومة التدخين، ومضى يستهدي المفكرين والمؤلفين والوزراء كلمات في استنكار التدخين. ولم يكتف بذلك، وإنما اندفع فنظم سلسلة محاضرات في (دار الحكمة) دعا إليها أشهر المحاضرين ليقاوم آفة التدخين
والدكتور شخاخيري رجلٌ مخلص، ودعوته هذه تستحق التأييد، ولكنها معرّضة لأخطار سأنص عليها في هذا الحديث لأهدم الأساس الذي قامت عليه، ولعل الله يتفضل فيكتب لي النفع مما تعلمت، لأنني مع الأسف من المسرفين على أنفسهم بالتدخين
شاع وذاع أن الدخان يشحذ الفكر، ويوقظ الذهن، ومن أجل هذا كثر المدخنون من الشعراء والكتّاب والسياسيين، حتى صار من المألوف أن نرى صور الساسة والوزراء وفي أفواههم السجائر النحاف أو السمان، حتى صار من العسير أن نتصور شاعراً أو زعيماً خلت حياته من عبق الدخان
لن أقف موقف الواعظ في دفع هذه الآفة، ولكني سأقف موقف المؤرخ، ثم أترك الحكم للقراء فيما سأسوقه من البينات
أول أمة عريقة في التدخين هي أمريكا القديمة، أمريكا الأمريكية، لا أمريكا الأوربية، أعني أمريكا التي سبقت عهد كولمبوس، وسبقت عهد الاتصال بالأوربيين والأسيويين
فما الذي استفادت أمريكا القديمة من التدخين؟ هل فتق أذهان أهليها إلى ألوان من الفكر والعقل والبيان؟ هل جعل لأهليها ماضياً في رفع دعائم الحضارة الإنسانية؟
كلا، وإنما تركها التدخين أمة بلا تاريخ
وأقدم الأمم في رفع راية العقل هم المصريون والبابليون واليونانيون، فهل عرف هؤلاء التدخين حتى ننسب رقيهم إلى هذا المرض الفظيع؟