للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[هنا وهناك]

حماية التفكير وتكريم النبوغ

للأستاذ محمد عبد الله عنان

نقرأ تباعاً أنباء الجوائز العلمية أو الأدبية أو الفنية التي تمنحها المؤسسات والهيئات العلمية المختلفة لأقطاب رجال التفكير والآداب والفنون؛ وهناك غير الجوائز المحلية القومية التي تنظم في كل أمة لتشجيع الحركة الفكرية، جوائز عالمية ترمي إلى تشجيع أبدع ما يخرج الذهن البشري في أي البلاد أو الأمم؛ ولعل جوائز (نوبل) هي أشهر جوائز من هذا النوع، فهي تمنح إلى أقطاب العلم والأدب والسياسة في أنحاء العالم دون فارق بين الجنسية أو الدين أو اللغة، ثم هي تمنح للنساء كما تمنح للرجال؛ وهذا هو أبدع ما في هذه الجوائز، فهي تقصد إلى تكريم النبوغ البشري حيث يوجد، وهي ترتفع فوق جميع الاعتبارات القومية، ولا تنظر إلا إلى أفق الإنسانية الشاسع، ولقد خلد ألفرد نوبل السويدي، صاحب هذه الوصية العلمية والإنسانية الجليلة، اسمه بتأسيسها وتنظيمها بما لم يخلده فاتح؛ والواقع أن لم يكن ينقص هذا المخترع العبقري شيء من بعد الصيت والذكرى، فقد كان عالماً ومخترعاً عظيماً، له ثبت حافل من الاختراعات العظيمة؛ وقد كان لتجاربه واكتشافاته في أواخر القرن الماضي أثر عظيم في تقدم الفنون العسكرية ولا سيما فيما يتعلق (بالديناميت) الذي وصل إلى اكتشافه وتركيبه. ومن الغريب أن يتجه هذا الذهن الذي أنفق نبوغه في اختراع المفرقعات المهلكة، إلى تشجيع النبوغ البشري في مختلف نواحي التفكير والأدب، وأغرب منه أن يتجه إلى تشجيع السلام العالمي، فيخصص ضمن جوائزه الشهير جائزة لأي جماعة أو شخصية تمتاز بخدماتها الجليلة لقضية السلام

وليست جوائز نوبل سوى مثل من أمثلة لا تحصى لهذا النظام المحمود - نظام الجوائز العلمية - الذي ترتبه جميع الأمم المتمدنة لتشجيع الحركة الفكرية، وتكريم أبنائها الممتازين بسمو التفكير والابتكار، ومعاونة الأذهان والعبقريات المغمورة على الظهور والعمل لاستثمار كفاياتها ومواهبها في مختلف النواحي. ولنلاحظ أن هذه الجوائز الشهيرة إنما هي من وضع فرد فقط، وإن كثيراً من الأغنياء في بلاد الغرب يحذون مثل ألفرد نوبل فيهبون الألوف والملايين إلى الجامعات والجماعات العلمية والأدبية؛ ويرتبون الجوائز لتشجيع

<<  <  ج:
ص:  >  >>