الدنية وتجمع على الدنيات، قلنسوة بشكل الدَّن (وهو الحب عند العرافين له عسعس)، محدودة الأطراف، طولها نحو شبرين تتخذ من ورق وفضة على قصب (عيدان)، وتغشى بالسواد، وتزين أحياناً بشنائق صفر طوال تتدلى على الصدر كان يلبسها القضاة عامة، في العصور الإسلامية السالفة، كما يلبسها الخطباء والأكابر أحياناً
قال الشريشي في شرح المقامة التاسعة للحريري: إن أصل الدنية: الدنينة كسفينة. . . وليست من كلام العرب، إنما هي من الألفاظ المستعملة في العراق. . . إه. والصواب: أن الدنية عربية منسوبة إلى الدن وليست بالدنينة
والغريب أن هذه اللفظة وردت في (النجوم الزاهرة) باسم (المدينة) وهذا تحريف ظاهر
وكان من أهم ماجريات سنة ثلاث وخمسين ومائة للهجرة، أن (أبا جعفر المنصور أمر أصحابه بلبس السواد وقلانس طوال تدعم بعيدان من داخلها، وأن يعلقوا السيوف في المناطق، ويكتبوا على ظهورهم: (فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم). فدخل عليه أبو دلامة في هذا الزي، فقال له أبو جعفر: ما حالك؟ قال: شر حال! وجهي في نصفي، وسيفي في لستي، وكتاب الله وراء ظهري، وقد صبغت بالسواد ثيابي. فضحك منه وأعفاه وحده من ذلك، وقال له:(إياك أن يسمع هذا منك أحد). قال أبو الفرج الأصفهاني: (ونسخت من كتاب لابن النطاح، فذكر مثل هذه القصة سواء وزاد فيها:
وكنا نُرَجِّي من إمام زيادةً ... فجاد بطول زاده في القلانس
نراها على هام الرجال كأنها ... دنان يهود جللت بالبرانس
والظاهر أن الرشيد لم يحب هذا التغيير الذي أحدثه المنصور من قبله، فقد حكى الجاحظ أن العماني الراجز (دخل على الرشيد لينشده شعراً وعليه قلنسوة طويلة وخف ساذج، فقال: إياك أن تنشدني إلا وعليك عمامة عظيمة الكور وخفان دمالقان. . . فبكر من الغد وقد تزيا