يحصل مما سبق الكلام عليه أن السراكين هم أهل السروات، وهم قبائل تقيم في داخل بلاد العرب من اليمن إلى ديار الأنباط، أو جنوبي اليهودية، بل إلى الشام
وأما (السكينتس) فليس اسم عرب، لا عند السلف ولا عند الرومان أو اليونان. وكيف يكونون كذلك والاسم يوناني معناه (أهل الأخبية) فقد يكونون من أبناءِ يعرب، كما قد يكونون من أبناءِ الغرب. فأهل الأخبية أو سكان الأخبية معناهُ: الرُحَّل، أو أهل البادية، الذين يثوون إلى الأخبية. فإذا علمتَ هذا، عرفت الحقيقة على ما هي بلا تناقض، ولا إشكال، ولا غموض.
وقال الأستاذ العمودي - وهو ينقل دائماً ما جاء في معلمة الإسلام، وإن لم يذكرها -: (أما (السراكينوي) فلم يُرْوَ لهم ذكر يذكر في هذه الأسفار السريانية ما خلا رسالة وصفها برداسانيس (؟ كذا) السرياني في بداية القرن الثالث للميلاد بعنوان: ' ذكر فيها الطائيين و (السراكينوس) بقوله: إنهما قبيلتان تمثلان أهم القبائل العربية الرَّحالة.) انتهى
ففي هذا القول نظر، لأن ابن دَيْصان لم يذكر السراكينوس في تأليفه - بل ألـ (سَرْقابي) أي العرب السروبين، وذكرها بأحرف إرَميَّة بالصورة التي ذكرناها في العربية. وأنت خبير أن اليونان والرومان ومن نقل عنهم ذكروا أبناء عدنان وقحطان مرة باسم العرب، وأخرى بالسروبين (أو الساراكين أو السرازين أو السراكينوي)، وطوراً باسم سكان جزيرة العرب، أو نحو ذلك ولم يسموهم باسم واحد
أما أن المسلمين عُرفوا بعد ذلك عند الغربيين بالسرازين، فلأن الإسلام نشأ وترعرع واكتهل في الحجاز، سُرَّة السروات وقلبها، ومنهُ امتد إلى ديار العالم. فمن الحق أن يسمى الغربيون المسلمين بالسروبين أو بأهل السرَوَات، وهي تسمية مأخوذة من مسكنهم، أو وطنهم، أو منشئهم الأول، كما أن المسيحيين سموا نصارى، جمع نصراني، وأصلها