[لذكرى المولد النبوي]
ميلاد نبي. . .
للأستاذ محمد عبد الغني حسن
مَنْ ذلكَ المبعوثُ في الصَّحْراء ... كالصُّبح بْينَ جوانبِ الظَّلْمَاءِ؟
نُورٌ مِن الحقَّ المُبين ومطْلعٌ ... جَاَءتْ به البُشْرَى معَ الأنباءِ
قَبسٌ من اللهِ الكريم وشُعْلةٌ ... من رجمةٍ ومنارةٌ لضياءِ
يَجدُ السُّراةُ به دَليلَ سَبيِلهمْ ... وَمَنارَهُم في الظُّلمَةِ العَشْواء
كانوا حَيَارَى ما تألَّفَ جَمْعُهُمْ ... في عُصْبَةٍ أو ألفُوا بإخاءِ
يَتَخَبَّطُونَ على ظلامٍ حالكٍ ... جهمِ العواصِف مُظلمِ الأنواء
ما فيه من وَضَحِ الطَّريقِ معالمٌ ... أو فيه من هَدْىِ السَّبيل مَرائي
هذا طريقُ الجاهليةِ لم يكنْ ... إلا طريقَ الخُلفِ والشَّحناء
تَجدوهُمُ فيه نوازعُ فتنةٍ ... وتحثهُمْ فيه دَوَافعُ دَاء. . .
هذا طريقُ الجاهلية موحشٌ ... ما فيه من نَبْتٍ ولا خَضْراء
يتعثر السّارونَ فيه بخُطوةٍ ... مَحْبوسَةٍ وَمَوَاطئ عَمْيَاء
لا يَستِقرُ على المسيرِ قرارُهُمْ ... كيفَ القَرارُ على الطَّريقِ النَّائي
هذا طريقُ الشركِ مُختلط الصُّوى ... وَعْرُ المساِلك ضَيقُ الأنْحَاء
ما فيه من مَسْعى بَغيرِ تعثرٍ ... أو فيه من قدمٍ بلا إعْيَاء
يمشي الحَيَارَى فيه بين مَسَاربٍ ... مَطْمُوسةٍ ومًعالمٍ نَكْراء
متحيرين على السَّبيِل كأنهُمْ ... قَدْ مَسَّهم جِنُ مِنَ الصَّحْراءِ
شاءٌ بِلا رَاعٍ يؤلفُ بَينَها ... وَرَوَاحلٌ تمِشي بغَيِر حُدَاءِ
أيْنَ الدَّليلُ على السَّبيِل يَسُوقَها ... وَيردُّ عنها صَوَلَة الأعداء؟
هَذا ظَلامُ الجِاهليِة لم يكنْ ... إلا ظلامَ الفِكر والآراء
أدْجَى من الليل البهيم حُلوكةً ... وأشَدّ وَقْعاً منْ يدٍ سَوداء
كانوا خَفَافيشَ الدَّياجي لم تَعِشْ ... إلا بجوٍ حَالك الأرْجَاء
يَمْشُون في الجْهِل القَدِيم قبائلاً ... يَتَرسَّمُونَ به خُطى الآباءِ