ما يبرح الأستاذ تيمور يحبو صحابه بكرمه، فهو لا ينسى - أبداً - وشائج الصداقة الأدبية، ولا يغفل أواصر المحبة الروحية، ولا يغضي عن روابط الإخاء والود، فهو - دائماً - يخصهم، أول ما يخص، بمؤلفاته وكتبه، ولقد أهدى إلي - أخيراً - مسرحيتين هما (المخبأ رقم ١٣) و (اليوم خمر).
وإنه ليعز علي أن أتحدث عن (اليوم خمر) قبل أن أقف حيناً بازاء مسرحيته (المخبأ رقم ١٣) فلقد ألفيت فيها روحاً وثابة متألقة وفناً عالياً رقراقاً وجمالاً في السبك وقوة في الأداء وسمواً في التصوير. ووجدته قد جمع فيها أخلاطاً من الناس اختلفت مشاربهم وتنافرت بيئاتهم وتضاربت ثقافتهم، ثم أنطقهم بحديث يكشف عن خلجات نفوسهم وخواطر عقولهم، فجاء الحديث قوياً لم يصبه الفتور ولا الضعف ولم يشبه الإخفاق ولا الوهن. وإنك لتعجب أشد العجب أن يتقمص المؤلف روح الرجل الأرستقراطي المهذب وروح السوقي الوضيع في وقت معاً فلا يخطئه التوفيق في التعبير عن نوازع نفسيهما ولا يفلت من بين يديه زمام التحليل السيكولوجي. ولا يسف في حادثة ولا يتصنع الحديث ولا يتكلف الحبكة الفنية. . . هذه - ولا شك - هي عبقرية الفنان ونبوغ القاص وتجربة المجرب. . .
أما مسرحية (اليوم خمر) فهي قصة حياة امرئ القيس الشاعر العربي الجاهلي المعروف من لدن كان فتى غض الإهاب في العشرين من عمره إلى أن خذله قيصر الروم فأحس خيبة المسعى وضياع الأمل. وإن القارئ ليعجب أن وفق المؤلف توفيقاً عجيباً حين التزم أسلوب البداوة في قوة التعبير وجزالة اللفظ ورصانة الأداء ليخرج لنا من حياة الشاعر تمثيلية فيها روح هذا العصر، وإنه ليحس - مع ذلك - بأشخاص الرواية ينبضون بالحياة ويخفقون بالإنسانية مما يدل على سمو الفن في روح المؤلف وسلامة ذوقه. ولا عجب أن يستنبط الأستاذ تيمور - وهو فنان عظيم - مسرحية مسلسلة مترابطة الأوصال متماسكة