يتساءل الأستاذ رسكا: كيف وأين نظمت وألفت هذه الكتب المنسوبة إلى جابر؟ هل هي أعمال فرد واحد أم من أعمال مدرسة؟ هل حدث تأليفها وتطوره وتقدمها في مدى وقت قصير أم انتشر على بساط قرن كامل؟ كل هذه أسئلة لا زالت أجوبتها غامضة، بل قل لا زالت غارقة في بحر من الغموض والإبهام.
وتلك النصوص التي نشرت بإشراف الأستاذ هوداس لا تكفي تماماً كي نصدر حكما صحيحاً على مميزات أدب جابر بن حيان الكيميائي.
ويجب أن أعترف أن (كتاب الرحمة) بمحاوراته المضحكة بين جابر بم حيان وجعفر الصادق ما هو في الحقيقة إلا قصة ملفقة، و (كتاب الملك) يفشي سر نفسه بنفسه حينما يرجع أصله إلى جعفر الصادق، وبعض النتائج يمكن استنتاجها في شأن (كتاب الموازين) لأنه عنوانات بعض أعمال أرسطو في المنطق التي ابتدأت معرفة العالم الإسلامي لها بعد أواخر القرن التاسع من الميلاد. ولكن إذا سلمنا بصحة نقد هذه الكتب الثلاثة، فهل يؤثر هذا بقليل أو كثير في المشكلة ككل؟ وبالأحرى هل يمكن أن نفصل المؤلفات الكيميائية مسلمين بأنها من عمل جابر عن قائمة الفهرست الثانية؟ أليس من المعقول أن مؤلف الكتب الكيميائية ينتمي إلى زمن وإلى بيئة مدرسية يختلفان كل الاختلاف عن هؤلاء الذين ألفوا الكتب الطبية والفنية والرياضية والإلهية؟
من الجلي الواضح أن ذلك الذي يستطيع الأخذ بيدنا إنما هو البحث خلال المخطوطات التي عثر عليها أخيراً، وإني لموفق إذ استطعت الحصول بمساعدة الأستاذ ماكس مايرهف لا على صورة للنصوص العربية للسبعين كتاباً التي ذكرها ابن النديم فحسب، بل أيضاً على بعض النصوص غير المعروفة ككتاب (السموم) و (الملك النوعي) وغيرها من