[رسالة الشعر]
رقدة الملاح
للأستاذ حسن كامل الصرفي
(نظم الشاعر هذه القصيدة لتلقى في حفلة التأبين الكبرى التي أقيمت لصديقه الشاعر الخالد علي محمود طه بمدينة المنصورة منذ شهور. . وحال بينه المرض وبين السفر إلى هناك لينشد قصيدته فطويت إلى حين، إلى موعد هذه الذكرى الغالية التي يحييها بأناته وأبياته!)
لم يبق لي في طريق العمر أحباب ... خلا الطريق وأحباب الرؤى غابوا
كانوا خيالا، وكان العيش حلم كرى ... مضى به قدر للعمر نهاب
لم آنس آخر لقيانا وقد دمعت ... شمس الأصيل ورقت منه أطياب
وأنت في حجرة كان الشفاء بها ... وهما، وخلف صراع الطب وثاب
كدمعة في جفون العين بارقة ... حتى يحين لها في الخد تسكاب
روح تشف عن الأحلام حائرة ... والجسم قد شفه سقم وأوصاب
ترنو إلى الأفق لدامي فتحسبه ... فتى من الحزن قد خانته أعصاب
تقضي لياليك بعد الأنس منفردا ... لم يهو ساحك خلان وأتراب
سأمان ترقب أياما مغربة ... كما تحول نحو الغرب جواب
كحانة في ظلام الليل نائية ... جفت على صدرها المهجور أنخاب
في عزلة لم يقصر ليلها سمر ... ولم تكشف دجالها الجهم أكواب
قد لفها الصمت إلا بعض همهمة ... كما تهمهم في ظلمائها الغاب
قاسيتها محنة ما كاد غاشمها ... ينزاح عن كتف الغاني وينجاب
حتى تحطم في استنهاضه أمل ... وانهار في مثل لمح الطرف إطناب
كان اللقاء وداعا، والحديث صدى ... من عالم الغيب لم تدركه ألباب
نشكو جراحاتنا والدمع يحبسه ... عن أن يسيل أبي النفس غلاب
نرجو ونأمل والأقدار ترقبنا ... والموت يحجبه عن وهمنا الباب
يا مرسل النغم العالي صدى ورؤى ... ينصب في أذن الدنيا وينساب
غنت به ضفتا الوادي ورجعه ... من ألسن الشرق أشهاد وغياب