يعتبر صوت أم كلثوم أجمل وأكمل وأقوى صوت نسائي في العصر الحديث. ولعله أخلد الأصوات جميعاً في تاريخ الطرب بعد صوت (ألمظ) زوجة عبده الحمولي ومطربة الخديو إسماعيل.
فهو يمتاز بتكوين سليم لا عيب فيه، وبضبط نسب مقاماته ضبطاً محكما لا يحتاج لشرح ولا تحليل لأننا جميعاً نسمعه.
فهو غني بتريولاته (ذبذباته) التي تفعل في النفس فعل السحر أو أكثر، والتي تعطي السامع لوناً لامعاً ونبرة صافية غنية بكل الدوافع التي تسلب الإنسان حسه ونفسه.
يتكون من (ديوانين) تقريباً. وهو من نوع (الكونترآلتو)(واالميزوسبرانو) ويبلغ ١٥ مقاماً تقريباً (١٢ كونترآلتو) و (٣ ميزوسبرانو)
أم كلثوم أقوى مطربة في الشرق، تتصرف في عقود النغم وعنصره تصرفاً فنياً سليماً. فهي مثلاً تتصرف في العقد الأول (بياتي ذي الأربع على الدوكا) وتتصرف في العقد الثاني (راست ذي الأربع على النوى). كذلك عشاق ذي الأربع على النوى، والحجاز ذي الأربع على النوى، وتهبط من البياتي ذي الأربع على الدوكا (نغمة الكارجهار)
وكل هذ الا يخرج عن عقود النغمة وعنصرها ولا يؤذي أذن السامع بل يصور له ذوقاً رفيعاً سامياً في التصرف، وفي تذوق النغم وفهمه.
وهي أقدر المطربات قاطبة في فن الإلقاء، وفهم الغناء، وإعطاء كل كلمة المعنى الذي يترجمها ترجمة صادقة. وأكبر الظن أن هذا يرجع إلى أنها اشتغلت كثيراً مطربة ومغنية (للقصائد النبوية) في المدائن والقرى.
تجيد كل ما تغنيه: ففي الطقطوقة، والدور، والتوشيح، والمنولوج، والقصيدة، لا تستطيع أن تسمو في ناحية على الأخرى ولا في نوع على نوع، لأن التوفيق يأبى إلا أن يلازمها في جميع ما تغني.
تدين للملحنين بكثير من مجدها، وإن كانت هي لا تحب أن تعترف بهذا
تعزف على العود وتفهم في علم النغم، وتلم إلماماً بسيطاً ببحور الشعر وقوافيه.