جرت يوم الحد الماضي مناظرةفي قاعة المحاضرات بكلية الآداب بجامعة فؤاد الأول، كان موضوعها (يجب أن يستلهم الأدب العربي الحديث الأدب الغربي الحديث أكثر مما يستلهم الأدب العربي القديم) أيد الرأي الدكتور محمد القصاص والأستاذ عبد الرحمن الخميسي والطالب غايث لطف الله والآنسة كليوباترة خليل، وعارضه الأستاذ عمر الدسوقي والأستاذ حامد داود والطالب محمود مكي والآنسة بشرى جنينة.
والموضوع - كما ترى - يقتضي أن يستلهم الأدب العربي الحديث كلاً من الأدبين العربي القديم والغربي الحديث، ولكن الخلاف على الكمية. . . فطبيعة الموضوع تفرض على كل من المتناظرين أن يقر فائدة الأدبين وحسن أثرهما في أدبنا الحديث، وليس له إلا أن يقول بالإكثار من هذا والإقلال من ذاك، فالمسألة بهذا الوضع مسألة بدهية من حيث أنه ينبغي الأخذ والاستفادة من هذا ذاك، فنستلهم مثلاً الأدب الغربي بنسبة تسعة وأربعين في المائة، أو العكس، أو تنقص هذه النسبة أو تزيد عن تلك؟
ولكن حماس المتناظرين ورغبتهم في الصيال والجولان وميل كل فريق إلى أن يظفر بتأييد رأيه، كل ذلك جعلهم يتعدون تلك الحدود الضيقة العقيم. . . وكأنهم أدركوا تفاهة المسألة وقلة خطرها من حيث تعيين القدر الذي ينبغي استلهامه من كل من الأدبين. . . وبذلك تحولت المناظرة إلى مقاتلة بين الأدب الغربي الحديث والأدب العربي القديم، فحمل كل من الجبهتين على الآخر، يثلب أدبه ويشيد بما يناصره، وقد يمتد الرشاش إلى الأشخاص، فهذا جاهل لم يطلع على الأدب العربي القديم وهذا رجعي متأخر. . . الخ
وعلى ذلك راح مؤيدو الرأي يشنون الغارة على الأدب العربي القديم، يقولون إنه أدب بعيد عن حيتنا الحاضرة وهو أدب أجوف يعتمد على فخامة اللفظ والتركيب وأدباؤه فريدون، ولم تكن فيه وحدة القصيدة. وقالت الآنسة إنه صعب خشن لا يلائم حياتنا الناعمة. . واستشهدت بأبيات لعنترة يتغزل فيها بعبلة على أن الشعر العربي شعر حسي لأن عنترة لم يعجبه في حبيبته إلا جمالها وصفاتها الحسية ولم يهتم بروحها. . وقال الأستاذ عبد الرحمن