الخميسي إنه أدب جهارة! وجعلت درجة الحرارة في خطبة الدكتور القصاص تميل إلى الصعود تدريجياً. . فسفه تفكير العرب والفلاسفة الغربيين. . . وارتفعت درجة الحرارة فجأة إلى أقصى حد إذ قال إن الأدب العربي جزء من التاريخ الميت ويجب أن نبحث له عن متحف من متاحف الآثار الميتة!!
وعلى ذلك أيضاً طفق معارضو الرأي يكيلون للأدب الغربي قدحاً بقدح، يقولون إنه أدب منحل لا يناسب بيئاتنا الشرقية وإنه إنما يصور حالات في تلك الأمم تختلف عن حالاتنا، وقد نشأت فيه مذاهب بظروف خاصة نتيجة لاضطراب الخواطر وقلق النفوس من أثر الحروب وغيرها، وهي مذاهب معقدة ملتوية كالرمزية والسريالية، وقد أفاض في ذلك الأستاذ عمر الدسوقي، وعرج على شعراء العرب المحدثين الذين قلدوا تلك المذاهب، وأني بأمثلة من أشعارهم وكان لقصيدة (الشاطئ الحافل) للدكتور بشر فارس مكان في هذا المجال. وجعل يبين ما في بعض هذه الأشعار من خلط وما في بعضها من سخف، كما أفاض الأستاذ الدسوقي أيضاً في عرض كثير من القصص الغربية التي رأى أنها تدافع عن النقائص والرذائل. وارتفعت درجة حماسه ضارباً على وتر الفضيلة والقومية حتى دوى له التصفيق في أرجاء المكان.
ولم يفت هؤلاء أن يردوا طعنات أولئك، التي وجهوها إلى الأدب العربي، وكذلك صنع الأولون بما وجه إلى الأدب الغربي. وكان الدكتور القصاص قد استهل كلمته بالإشارة إلى ما حدث بفرنسا على أثر هزيمتها في الحرب الماضية، إذ جعل القوم يفكرون في أسباب هزيمتهم، فلم يرجعوها إلى خطأ في السياسة أو في خطة الحرب، بل قال قائلهم إن التبعة فيما أصاب فرنسا على أساتذة السوربون والأدباء الذين لم يحسنوا توجيه الجيل، واستطرق الدكتور
من هذا القول بأن أدب العرب لا يصلح للتوجيه في هذا الزمن فيجب أن نتجه نحو أدب الغرب ونغترف من علومه وثقافاته.
فلما تكلم الأستاذ الدسوقي قال معقباً على ذلك: كيف نستلهم الأدب الفرنسي وهو الذي أدى إلى هزيمة فرنسا؟
ودافع الدسوقي عن الأدب العربي وأتى بروائع منه واستشهد بأقوال فيه لبعض