كانت الحكومة الألمانية قد انتدبت منذ حين لجنة من كبار المشترعين (الهتلريين) لبحث مبادئ العقوبة الجنائية التي يجب أن تتمشى مع مبادي الثورة الاشتراكية الوطنية ومبادي حزب (النازي)؛ وفي الأنباء الأخيرة أن التعديلات الجديدة لقانون العقوبات الألماني قد صدرت متضمنة لمبادي جديدة عجيبة في تعريف الجريمة وتحديد معنى العقوبة الجنائية لم يسمع بها من قبل في أي بلد متمدين. وقد قرأنا في هذا الموضوع مقالاً قيماً لكاتب فرنسي كبير، فرأينا أن نترجمه لقراء (الرسالة) فيما يلي:
يقول زعماء الإمبراطورية الألمانية الثالثة (الزعماء الهتلريون) إن قانون العقوبات هو (مرآة صادقة للروح القومي).
ونحن في فرنسا نتأثر منذ قرون بالقانون الروماني القديم الذي اشتقت منه ثورة سنة ١٧٨٩ (الثورة الفرنسية) مبادئه الجوهرية، ولكن الهتلريين يرفضون هذه المبادئ باشمئزاز، ويقولون ما معنى هذا الإجلال الخالد لقصاصة من الورق؟ إن التعلق بحرفية النصوص ينم عن ذهنية متأخرة وضيعة. والقانون يقوم على حقيقة حية هي (ضمير الشعب)، ولا غاية لقانون العقوبات إلا أن يحمي هذا الضمير.
ونحن في بلادنا ذات المبدأ الإنفرادي، نقدس ذلك المبدأ الأساسي العظيم:(لا عقوبة بغير نص) ولكن المشترعين الألمان الجدد يقولون: إنه لا يوجد قانون في العالم يمكن أن يتحوط بنصوصه العقابية لكل الأعمال البشرية الممكنة، وإذن يجب على قضاتنا أن يعاقبوا أيضاً على الأعمال التي لم ترد في القانون (متى كانت تثير الرأي السليم المتزن للمجتمع) وكذلك نبذ المشترعون النازيون مبدأ أساسياً آخر هو (عدم رجعية القوانين)(أو عدم سريانها على الماضي)، وعلى هذا فإن محكمة لايبزج العليا قد حكمت بالإعدام على فان درلوبي مع أنه في الوقت الذي وقع فيه حريق الريخستاج لم يكن القانون يعاقب على هذه الجريمة إلا بالأشغال الشاقة. وإذا كنا نحن نرى من المثير أن نطبق على المجرم قانوناً كان يستحيل عليه أن يعرفه، فإن المشترع الألماني يقول إنه يجب عليه (أي المجرم) أن