في الخامس من هذا الشهر اضطربت الإذاعات اللاسلكية في العالم من الصباح حتى الساعة الأولى بعد الظهر فلم يعد أحد يسمع إذاعة واضحة كأن البحر الأثيري التج وأمواجه هاجت فضرب بعضها بعضاً والتطمت لججه. وكانت الإذاعات اللاسلكية يطغي بعضها على بعض، فلم يعد أحد يفهم كلاماً أو يميز نغماً إلى أن أذاع راديو لندن:(نأسف أن إذاعاتنا لم تنتظم اليوم بسبب اضطراب صاخب في قرص الشمس).
ذلك لأن براكين السفع الشمسية هاجت متجاوزة حد هياجها المعتاد. فأثرت مغنطيسيتها في مغنطيسية الأرض وكهربائيتها في كهربائية هذه وقلقلت إيجابيتها وسلبيتها وعكست اتجاهاتها فاضطربت إبرة الحك بحيث لم يعد الملاح يعرف يمينه وشماله واتجاهه القويم وانتفضت كهربائية الشمس فصادمت كهربائية الأرض واضطربت ميزانها. وبالإجمال يقال أنه لم يبق اعتدال كهربائي أو اعتدال مغنطيسي على الأرض.
وقد لاحظ العالم الإنساني كله أن شتاء هذا العام كان صارماً جداً وبرده كان قارصاً وثلجه ومطره متدفقين. وفي أوائل هذا الشهر (إبريل)، ونحن الآن في الربيع، كان الطقس قاسياً حتى أنه كان في الخامس عشر منه كأنه طقس يناير. فعاد الناس يرتدون المعاطف الثقيلة بعد أن خلعوها.
هذه تأثيرات الشمس على الأرض حين تثور السفع الشمسية وتهيج براكينها كأن الشمس غضبت فانقضت صواعق غضبها على أولادها السيارات وأقمارها ومن جملتها الأرض وما الأرض بأعز عندها من سائر الكواكب، إلا إذا كانت الشمس قد استائت من هذه الفتاة المدللة من بين فتياتها الأخريات لما بدا من أخلاق أهل الأرض الجهنمية فاختصتها بهذه النقمة.
أما هذه السفع فهي بقاع على سطح الشمس تكثر أو تقل بلا ميعاد مقرر، ولا قرار معين.