حديث اليوم إليك كلمات تنوء بالألم وتفيض بالمرارة، وما أجدر حديثاً كهذا الحديث أن تنصت إليه بقلبك قبل أن تنصت إليه بإذنك، لأطمئن إلى أنه قد هز منك منافذ الشعور قبل أن يهز منافذ الأسماع!
هذا الألم الذي يلهب القلم في يدي مرجعه إليك، وهذه المرارة التي تلفح الأفكار في رأسي مرجعها إليك أيضاً. . . ومعذرة لهذه البداية الثائرة أو لهذه الصراحة السافرة، لأنها حق (رسمي) تفضلت يوماً فسمحت لي به، وأعربت لي عن تأييدك له، ما دام شاهده الصدق ورائده الضمير!
لقد كنت أنتظر بعد ذلك اللقاء الذي تحدثت فيه إليك ذات مساء ثم طالعت به الناس على صفحات الرسالة، أنك ستقف من الأدب والأدباء نفس الموقف الذي وقفته من التعليم والمعلمين: عناية ورعاية، وتأييد واهتمام، وعطف على كل أمل مظلوم وكل حق مهضوم. كنت أنتظر هذا كله وينتظره معي الناس، ولكن الأيام تمضي وعجلة الزمن تدور، وأنت مشغول عن تلك الحقوق والآمال. . . وتذهب مع الريح كل صرخة جازعة، ولهفة ضارعة، وكل أمنية جميلة كان لها في النفوس وقع وفي القلوب مكان!
أليس عجيباً حقاً أن تشغل عن حقوق فئة تجمع بينك وبينها قرابة الروح، وعن آمال طبقة تربط بينك وبينها صلات الأدب؟! صدقني إذا قلت لك إن عجب الأدباء لا ينتهي، وإن أسفهم لا ينقضي، وإن كل مظلوم بينهم قد بات ينظر إلي وهو يردد قول الشاعر القديم:
وأرى الأيام لا تدني الذي ... أرتجي منك وتدني أجلي!
أتحب يا سيدي أن تسمع قصة واحد من هؤلاء المظلومين في عهدك؛ عهدك الذي ترقبوه كما يترقب الممحل قطرات الغيث، وتلقوه كما يتلقى الغريق أسباب النجاة، وعاشوا على الأمل فيه كما يعيش المحروم على حرارة الرجاء؟!
إن لدى بضعة أسماء أود أن أقدمها إليك، ولكني أكتفي اليوم بتقديم اسم واحد هو على