للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[خواطر في كتاب الله]

تربية الأمم في القرآن

للأستاذ محمد عبد الله السمان

الواقع أننا لسنا في حاجة إلى مسلمين يحملون كتاب الله في جيوبهم، ولا إلى مسلمين يعلقونه فوق صدور أبنائهم، ولا إلى مسلمين يتلونه تلاوة لا تتجاوز حناجرهم. ولا إلى مسلمين يتخذون منه الأحجية والتعاويذ والأدعية - ولكنا في حاجة إلى مسلمين ينفذون مبادئه، ويحققون مطالبه، ويتفهمون معانيه، وتشرب نفوسهم ما استوعبه من تربية راقية عالية.

وحاجة الأمم إلى التربية لا تقل عن حاجتها إلى المال والقوة والعدة - ذلك لأن الأمة لا يمكنها أن تشق طريقها إلى المجد، وتسلك سبيلها إلى العلاء، إلا إذا نالت نصيباً وافراً وقسطاً كبيراً من التربية السليمة، ولذلك كان اهتمام القرآن الكريم بتربية أمته اهتماماً بالغاً يسددها في خطواتها ويقومها في أعمالها.

اهتم القرآن بتربيتها على الأخوة المؤسسة على الاتحاد والتعاون والصفاء والإيثار: (إنما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم - وأصلحوا ذات بينكم - وتعاونوا على البر والتقوى - ولا تتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم - واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا - ولا تكونوا من المشركين الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون).

وسما بها عن المواقف التي تجر إلى النزاع، وتزرع في قلوب أبنائها الشقاق:

(اجتنبوا كثيراً من الظن - ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً - لا يسخر قوم من قوم - ولا تلمزوا أنفسكم - ولا تنابزوا بالألقاب).

واهتم بتربيتها على العزة والحرية والنفور من الذلة والعبودية: (إن الذين توفيهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا: فيم كنتم؟ قالوا: كنا مستضعفين في الأرض. قالوا: ألم تكن أرض الله وسعة فتهاجروا فيها. . .؟).

وحثها على الاستعداد، وظهورها بمظهر القوة حتى لا تمس حريتها أو تخدش عزتها.

(وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم).

وحذرها مواطأة العدو، والتودد إليه، ففي هذا تمهيد لوقوعها في هوة الذلة والاستعباد:

<<  <  ج:
ص:  >  >>