للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[قبل الكارثة:]

اليابان الغامضة

(صورة لحياة هؤلاء الذين أقاموا أحد شعبين من أعظم شعوب

العالم تعصباً)

للأستاذ ويلارد بريس

لعل أهم ما يميز اليابان عنا معرفتها إيانا وجهلنا بها، فإن من أهم مبادئ الحرب هي (أن تعرف عدوك) كما أنه من ضروريات العالم في زمن السلم هي (أن تعرف جارك). فاليابان هو القطر الذي لا تستطيع أبصارنا أن تنفذ إليه، وكلما مددنا البصر نحوه لم نر غير صورة مصغرة منا، ولعل هذه الحال قد جاءت من خلل في المرآة التي تعكس صورتها لنا، أو لعلها من خداع أبصارنا. فقد تتلمذ اليابانيون علينا واستمدوا منا وسائلنا وأخذوا عنا طرقنا ويخيل إلينا أنهم قد أخذوا عنا كل ما يعرفونه.

إن سر اليابان يحجبه عنا تلك المرآة التي خاتلتنا وعبثت بنا، فقد بذل اليابانيون جهداً حثيثاً في سبيل منعنا من التسلل إلى شعاب حياتهم ومعرفة شيء عن دنياهم الغريبة. فاليابانيون لا يسمحون إطلاقا للأجانب بأن يتسللوا إلى بيوتهم أو يتعرفوا حياتهم الخاصة، وهما تكن العلاقة طيبة فإن الزائر يشعر دائماً بأن هناك حداً لا يستطيع أن يتعداه. وقد تزوج بعض الأجانب بامرأة يابانية وعاش حياة يابانية في منزل ياباني وكتب كتباً شائقة عن اليابان، ولكنه مع ذلك يعترف في النهاية بجهله باليابانيين، فقد جاء في آخر كتبه عن اليابان ما نصه: (منذ زمن بعيد قال لي أطيب وأعز أصدقائي من اليابانيين قبيل وفاته. . . عندما تشعر في خلال السنوات القادمة أنك لم تستطع أن تفهم اليابانيين إطلاقاً، حينئذ تكون قد ابتدأت تفهم شيئاً عنهم).

واللغة اليابانية تجعل التفاهم عسيراً، فقد استطعنا خلال خمس سنوات قضيتها في اليابان مع زوجتي أن نتكلم اللغة اليابانية بقدر ولكن لم نستطع قط أن نقرأها أو نكتبها؛ هذه الحقيقة تتمثل عند معظم الأجانب. وقد طلب بعض الأجانب من عميد أمريكي لإحدى جامعات طوكيو - وقد كان في اليابان منذ ثلاثين عاماً - أن يكتب مذكرة له باللغة

<<  <  ج:
ص:  >  >>