اليابانية، فنظر إليه بدهشة ثم قال: كمن ساءه توجيه مثل هذا السؤال (إني لا أكتب اليابانية. . . نحن نتكلمها ولكننا لا نكتبها) ثم تركه واتجه نحو حجرة الدراسة ليحاضر طلبة يابانيين باللغة اليابانية.
ومن بين الصعاب التي تواجهنا أن نجد رجالا من بني جنسنا قد تملكوا ناصية اللسان الياباني حقاً ولا يتسرب الشك في إخلاصهم، وقد زار أحد الأخصائيين في كاليفورنيا اليابان في فترة مضت فسألته عن عدد الأمريكيين الذين صادفهم ممن استطاع أن يستوعب اللغة اليابانية. . . وبعد أن أعمل فكره قال أنه يعرف ثلاثة منهم. ومن الطبيعي أن يكون هناك في الولايات المتحدة أكثر من ثلاثة أفراد يتقنون اللغة اليابانية، ولكن يبدو أن هذا العدد لا حساب له إذا ما قورن بعدد اليابانيين الذين يتقنون اللغة الإنجليزية.
وقد تساءل أحد الطلبة اليابانيين في عجب إذا لم تكن اللغة اليابانية تدرس في المدارس الأمريكية، وقد بدت هذه الفكرة مضحكة للوهلة الأولى، فكرة تدريس اللغة اليابانية في المدارس الأمريكية، ولكن بعد تدقيق النظر يبدو أنها لم تكن كذلك.
ويظهر أن للمعلومات الإنجليزية شأناً كبيراً في الحياة اليابانية، فهم يعتصرون من حضارتنا كل ما من شأنه أن يفيدهم. وقد رأينا كثيراً من الكتب الإنجليزية مكدسة في نواحي غرف الدراسة في إحدى جامعات الإمبراطورية أمثال (الذوق الأدبي لأرنولد بنيت) و (بيجماليون لبرناردشو) و (دكتورجيكل والمستر هايد لستيفنسون) وقد يستطيع أصغر التلاميذ سناً في المدارس الابتدائية اليابانية أن يكتب عن حياة وشنجتون أو أديسون أو فورد، وإنك لترى الكثير من حيطان غرف الدراسة خالية إلا من صورة للرئيس لنكولن.
لم تعد اليابان بعد في عزلة عن العلم فهي الآن تنظر إلى العالم كله وتحتاج اليه، ولم يكن لمحاكاة اليابانيين لنا في البداية أي ضرر، فقد مدحنا وكان لنا فيما وقع لبعض صغار اليابانيين من سهو تفكهة وتسرية لنا، فعندما سارت القطر الحديدية فيها للمرة الأولى وأخذوا يدفعون إلى ركوبها كانوا يتركون أحذيتهم على رصيف القطار لأنهم تعودوا ألا يدخلوا بيتاً قط وأحذيتهم في أقدامهم. وقد حطموا زجاج النوافذ عندما أخذوا يطلون برؤوسهم منها غير منتبهين إلى طبيعة الزجاج الشفافة، فكان لزاماً إذن أن يخط عمود ابيض على لوح الزجاج حتى يشعروا بوجود شيء صلب، كما علقت لوحات كبيرة على