للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الحجر المؤابي]

بقلم جريس القسوس

اكتشف الحجر المؤابي في قرية ديبون القديمة (ذيبان) الواقعة ما بين نهر أرنون القديم (أو الموجب الحالي) ومادبا في أقصى شمال مؤاب (الكرك اليوم)، وتبعد ذيبان عن نهر أرنون نحو أربعة أميال إلى الشمال؛ وقد كانت قديماً قاعدة ملوك مؤاب في عصورهم الذهبية، أي التي سيطروا فيها على مؤاب الشمالية، ومؤاب الجنوبية. وفي سنة ١٨٦٨ راد قس ألماني أسمه ف. كلاين القسم الشمالي من مؤاب، ومر في طريقه بذيبان، فعثر فيها على حجر مسنود إلى جانب سور المدينة القديم، منقوش على أحد جوانبه كتابة باللغة العبرانية القديمة، ويظن ترسترام أن الرومان استعملوه في بناء سور المدينة، غير أنه زحزح من مكانه الأصلي بسبب طارئ طبيعي ربما كان زلزلة. ويعتقد ترسترام أيضاً أن الحجر دحرج من مكانه بسبب الزلزلة التي حدثت سنة ١٨٣٧، ولا يرى أن هذا الحادث متقدم عن ذلك التاريخ، إذ أن الكتابة لا تزال ظاهرة للعيان رغم تعرضها الطويل للشمس والهواء والمطر، وإذا اعتبرنا قوله هذا صحيحاً، تكون الكتابة قد ظلت معرضة للحوادث الطبيعية والتغيرات الجوية مدة إحدى وثلاثين سنة فقط

أدرك ذاك القس الألماني قيمة هذا الأثر، وأراد أن يبتاعه مبدئياً، أملا أن يبعث به إلى متحف برلين، إلا أنه لم يوفق في مهمته هذه، إذ ما كاد بدو بني حميده، القاطنين في تلك الديار يدركون قيمة هذا الحجر حتى ثار النزاع بينهم فانقسموا فريقين، كل فريق يرغب في اغتصابه واحتكار ثمنه. غير أن أحد الفريقين أدلج إليه مع سوّاح فرنسيين: ولما لم يتمكّنوا من نقله لثقله، خفّفوا من كثافته بفؤوسهم، وأخيراً حطّموه إلى عدة أقسام، حملوها على بغال وقطعوا بها نهر الأردن، فتمكّن بذلك السوّاح الفرنسيون من شرائه ونقله إلى متحف اللوفر بباريس، ولا يزال هناك إلى اليوم. وقد أخذ عنه قالب من الجبس لكي يحفظ في المتحف البريطاني. ولا صحّة لما أورده المؤلف هرمان هلبرخت من أن الحمايدة حطموا هذا الحجر، أملين أن يعثروا في داخله على كنز. ولقد جمعت قطع هذا الحجر، وعددها ثمان عشرة. وصُفّت صفّا فنيّاً، وشُدَّ بعضها إلى بعض بقوالب حديدية متينة. حتى

<<  <  ج:
ص:  >  >>