للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[مكانة مصر في المغرب العربي]

للأستاذ محمد السعيد الزاهري

يشاع اليوم في الجزائر أن الآنسة أم كلثوم قد أزمعت أن تقوم بسياحة في بلاد المغرب وأن حكومة مراكش قد رفضت أن تسمح لها بدخول المغرب الأقصى. قالوا ولذلك عدلت الآنسة عن زيارة المغربين الآخرين (الجزائر وتونس) وهذه هي المرة الرابعة التي نسمع فيها هذه الإشاعة تتردد في أرجاء المغرب العربي وتكون مشغلة الرأي العام فيه ويهتم لها الناس ويندفعون في شرحها والتعليق عليها بمختلف الآراء والأقوال: فهذا يقول لقد أحسنت السلطات بذلك إلى أهل مراكش ووفرت عليهم أعراضهم وأموالهم بمنع المطربة المصرية من دخول هذه البلاد، إذ لو أن هذه الآنسة زارت مراكش لملكت على أهليها قلوبهم وأهواءهم، ولذهبت بعقولهم وألبابهم، واستولت على أموالهم وعلى ما كسبت أيديهم، ولكانت عليهم في الآخرة نكبة مالية كبرى لا تقل في فداحتها وقسوتها عن هذه الضائقة العاتية التي أهلكت الزرع والضرع وأخذت بمخانق الدنيا كلها؛ ولذلك يقول لقد ضيقت السلطة بذلك على المغاربة حريتهم الشخصية ومنعتهم مما تهوى إليه أفئدتهم وحالت بينهم وبين ما يشتهون؛ وهنالك آخر يقول غير هذا

ومهما أختلف الناس في تفسير هذه الإشاعة وفي تأويلها فأنها تدل على شيء واحد وهو أن هذه الآنسة قد غزت بصوتها الملائكي الطروب قلوب هؤلاء الناس، وأن منزلتها في بلاد المغرب العربي لا تقل عنها في مصر، وأن المغاربة يتذوقون فنها وغناءها كما يتذوقهما المصريون.

قالت مجلة (السلام) الغراء التي كانت تصدر في مدينة تطوان في بعض أعدادها أن المغاربة مولعون بالموسيقى المصرية وبالتلحين المصري إلى حد الهيام، حتى أن العواتق في خدورهن ليهتفن بأم كلثوم ويترنمن بألحانها وأغانيها. ولقد رأينا بعض المراكشيين المشهورين بالتدّين والصلاح قد طرب وانشرح ونسى انه من أهل الورع والتقوى، ولم يزل به الطرب والانشراح حتى خرج عن رزانته ووقاره إلى حالة من العبث والطيش تشبه أن تكون جنوناً وذلك حين سمع في (الفونوغراف) صوتاً للأستاذ محمد عبد الوهاب. ولا تجد في المغرب الأقصى داراً فيها (فونوغراف) إلا وتجد كل أسطواناتها أوجلها

<<  <  ج:
ص:  >  >>