للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[البريد الأدبي]

رد على نقد:

نشر الأستاذ (زيتون) في الثقافة نقداً لكتبي الثلاثة: أحمد عرابي وإبراهام ومن وراء المنظار؛ ومما جاء في نقده قوله: (وأحب أن أقدم للقارئ مفتاحاً لكل ما كتب الأستاذ الخفيف وما سيكتب، بل مفتاحاً لكل ما تحدث به إذا ما تحدث، فقد وجدت هذا المفتاح إذ كنت أقرأ له هذه الكتب الثلاثة التي أخرجها وهو جماع ظاهرتين معروفتين في علم النفس، أما أولاهما فهي ما يسمونه اتحاد المدرك بالمدرك وأما الثانية فهي ما يسمونه بتفكير المتمني).

جعل الأستاذ هاتين الظاهرتين أساس ما أكتبه بل ما سأكتبه وذلك أعجب، وقال (فلا تقرأ له هذا التاريخ الذي سطره بحيث تحاسبه الحساب العسير الذي تحاسب به مؤرخاً أخذ على نفسه أن يثبت لك الحق أجرد بارداً، بل أقرأه قراءتك لأديب قادر ماهر أضفى خياله ألواناً زاهية على ما يكتب وما يصور من مواقف).

عجبت إذ قرأت هذا، وازداد عجبي لأن كاتبه هو الأستاذ (زيتون) بالذات، وهو من أعلم رجاحة عقل وصدق نظر وسعة أطلاع، وأنه ليعلم كما أعلم أن تفكير المتمني أن جاز في القصة فهو لا يجوز في التاريخ؛ لأن التاريخ مسائل تقرر أو تنقض بالدليل فإن (جرى فيه الفكر بما يتمنى الكاتب أن يكون هو الواقع) لم يعد تاريخاً وإنما أصبح قصة. والأستاذ (زيتون) قد قرأ كتبي كما قال، وأنا من ناحيتي قد بنيت كتابي وبخاصة الأول على الوثائق أستخرج منها الدليل، وأحسب أني ما قدمت رأياً واحداً بغير برهان أو عدة براهين أرجعتها إلى مصادرها، وهذا هو ما تفضل بعض حضرات القراء فأثنوا به على كتابي (أحمد عرابي)؛ وإذا كان الأمر كذلك فلي أن أعجب من تفكير المتمني) هذا الذي نسبه إلى الناقد الفاضل وجاء في نقده قوله عني (اقرأه قراءتك لخطيب أخذ يلوح بيديه لسامعيه ويرفع ويخفض من صوته، لا يعنيه أن يقول الحق جافاً كما تفهمه العلوم، بل يريد أن يقع من نفوس سامعيه بما أراد أن يقع) والأستاذ (زيتون) يعلم كذلك كما أعلم أن لكتابة التاريخ طرقاً منها أن يكون حول شخصيته، ولهذه الطريقة دعاة كثيرون اليوم وهو في هذه الحال مزج بين الأدب والتاريخ كما يصنع أساطين كتاب التراجم المحدثين من أمثال زويج

<<  <  ج:
ص:  >  >>