للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في أفق السياسة الدولية]

المسألة الاستعمارية والصراع على الأسلاب والغنائم

بقلم باحث دبلوماسي كبير

يظهر أن المسالة الاستعمارية ستغدو في القريب العاجل مسألة المسائل، وربما لعبت دوراً خطيراً في تطورات السياسة الدولية هذا العام، وقد كانت مسالة المستعمرات، خلال الأعوام الأخيرة تبدو في الأفق من آن لآخر، ولكنها كانت تتخذ صبغة نظرية؛ بيد أنها منذ غزو إيطاليا للحبشة واستيلائها عليها تتخذ صورة عملية واضحة؛ وكانت ألمانيا وإيطاليا هما اللتان تصران على إثارة هذه المسألة الشائكة كلما سنحت الفرص، أما ألمانيا فلأنها فقدت كل مستعمراتها السابقة في أفريقية وفيما وراء البحار نتيجة لهزيمتها في الحرب الكبرى وتنفيذاً لنصوص معاهدة الصلح، وأما إيطاليا فلأنها رغم كونها كانت في عداد الحلفاء الظافرين ورغم استيلائها على نصيبها من أسلاب الدول المهزومة، كانت ترى دائماً أنها خدعت من حلفائها، وانهم استأثروا دونها بالغنائم الكبرى وخصوصاً في مسألة المستعمرات والأراضي الجديدة، إذ بينما حصلت فرنسا وإنكلترا وبلجيكا على انتدابات وأملاك واسعة في أفريقيا وآسيا، إذا بإيطاليا تحرم من كل نصيب في هذا التراث وترغم على الاكتفاء بما منح لها من الأراضي النمسوية القليلة في أوربا؛ وقد كان هذا الغبن شعار السياسة الفاشستية في الأعوام الأخيرة، وذريعة إيطاليا في وجوب إعادة النظر في معاهدات الصلح وتعديلها تعديلا يكفل استقرار الأحوال في أوربا، وحل مسألة الانتدابات والمستعمرات بصورة ترضي الأماني الإيطالية، فلما لم توفق إيطاليا إلى إرضاء مطامعها بطريق المفاوضة والتفاهم، عمدت إلى طريق القوة، فنظمت اعتداءها المعروف على الحبشة رغم المعاهدات المعقودة، واستولت عليها، وحققت بذلك بعض مطامعها الاستعمارية

وأما ألمانيا فلم تفكر قبل قيام الحكومة النازية في أن تثير مسألة المستعمرات بصورة جدية، وإن لم تنقطع منذ معاهدة الصلح عن الشكوى من فداحة شروطها المرهقة، ولم تنقطع ألمانيا بالأخص لحظة عن السعي في سبيل التنصل من تبعة الحرب التي اتخذت ذريعة لسحقها وتصفيدها بمثل هذه الفروض والمغارم الفادحة، وكانت ألمانيا تثير مسألة

<<  <  ج:
ص:  >  >>