كتب الأستاذ (إبراهيم هاشم فلالي) مقالا تحت هذا العنوان في عدد سابق من (الرسالة) عرض فيه صورا جميلة من الأدب الحجازي الحديث، فرأيت إتماما للفائدة أن أتبع مقاله بكلمات عن النهضة الحديثة لهذا الأدب حتى يدرك قراء الرسالة شيئا من أسباب هذه النهضة والاتجاهات الأدبية في هذه البلاد المقدسة.
ولست أريد في هذه الكلمات أن أتتبع النهضة من لدن وجودها في الحجاز على يد أحمد بن زيني دحلان المتوفى سنة ٨٨٦ م ولكني سأكتفي بالنهضة السعودية القائمة فإذا ما انتهيت من عرضها بسطت الكلام في الشعر والنثر وبينت خصائصهما واتجاهاتهما.
النهضة السعودية
الحجاز الحديث قطر متوثب للرقي مؤمن بقديمه العريق وواثق بالنجاح؛ فهو يبذل الجهد ويواصل العمل لمسايرة الأمم العربية التي سبقته في النهضة. وقد بعث فيه هذا الروح القوي ملك عربي واسع الآمال يجيد العربية ويطرب للشعر البارع والنثر البليغ ويستحث الأدباء للإجادة ويدفعهم إلى العناية، فهو يكافئهم على إحسانهم ويحلهم من نفسه منزلة سامية، ويكفي أن يقرأ الزائر لهذه البلاد ثبتا بأسماء المستخدمين في الإدارات والمصالح، فيؤمن بعد ذلك أن الحكومة السعودية لم تخترهم عبثا وإنما كشفت فيهم البراعة في الأدب فأرادت أن تكافئهم عليها بهذه المناصب ليعيشوا راضين مطمئنين منصرفين إلى الإجادة والإنتاج: فالشيخ محمد سرور الصبان، والغزاوي، وعلي حافظ، وعبد القدوس الأنصاري. كل أولئك وغيرهم من الأدباء يتولون كثيرا من مناصب المملكة وينهضون بأعبائها وينالون فوق ذلك عطف جلالة الملك وإحسانه، ولهذا وغيره من الأسباب الثقافية والقومية، رأينا الأدب الحجازي في هذه الفترة الوجيزة من الزمان يثب وثبة توشك أن تكون طفرة.
ومن أسباب النهوض في العهد السعودي العناية بالقومية العربية بعد أن أغفل الناس شأنها ردحا طويلا من الزمان؛ فقد جاء العهد الجديد يحمل الطابع العربي الخالص من كل شائبة ودخيل، ويحمل القوم على التعصب لكل مظاهر العروبة حتى لا تفنى شخصيتهم وتتضاءل ذاتيتهم، عندئذ أدركوا أن في الحياة الجديدة مغزى ساميا لم يدركوا إلا أوائله في