قرأت ما دار حول تدريس العربية في الأزهر، ولقد أثرت هذا الموضوع في جريدة المقطم في ٢٦ - ٨ - ١٩٣٧، فلم يبد أحد رأيا حوله، لوقوف الاتجاهات الفكرية، وعدم الخروج عن دائرة التزمت العلمي، لكن الأيام تغير الأفكار، وتلاين الصلابة الفكرية، فيعاد تساؤلنا الذي بسطناه حينئذ:(هل تلك التواليف المتعددة. . على تباينها - قد حصرت القواعد حصرا يمكن الأخذبها؟ أو أنها تناثرت واضطربت وكانت عقبة يتعذر بها على متشوف العلم التفهم والاستقلال في التعرف؟!. . . (أن التصانيف الموضوعة في هذه العلوم على ركاكة أسلوبها، وتنافر بحوثها غير مجدية غير مجدية في باب الإنتاج العلمي، والمدارسة في مجموعها سائرة على غرارها، ويكاد الآخذون يرددون ألفاظها من دون أن يجعلوا للابتكار والتفنن في التعابير وظيفة يعتمدون عليها في إيضاح الطريق وكشف الأسرار عن المعميات الملغزة بألاغيز ومناقشات جوفاء لا تمت إلى البحت العلمي بأدنى صلة، ثم (التقيد) بتعابير موضوعة كالقوانين التي لا يتصرف فيها أقل تصرف، فغدت القواعد تحاكي (الاسطوانات) المكرورة - وبقيت اللغة محرومة من المقايسة المعقولة وحددها المصنفون الأعاجم ذوو البيان الملتوي، والمنطق الأبكم تحديد وضعها في الأغلال، ولم ينظر إليها المحدثون نضر البصير بل ازدادوا في تمحلاتهم والعصر يتطلب السهولة، والبراعة، والسرعة وطلاقة الفكر، والتجديد، ومراوضة العقول على كيفية التعقيل. . .)
(إن الحياة تتطلب ألوان من التفكير تابعة لألوان الأيام. وإذا كان الكاتبون في علوم البلاغة، والنحو، والصرف، قد أنتجوا إلى الناحية اللفظية وخلطوا، واضطربوا، فليس لنا أن نأخذ منهم طريقتهم، لأن عصرنا يخالف عصرهم والأفكار تتمشى بطبعها مع العصور. . .
برمت العقول بما تحدثة (الحواشي) وأثباهها من الافتراضات البعيدة الذاهبة بحقيقية العلوم إلى ما وراء الخيال، ووقفت الإفادة إلى حد المناقشة في أسلوب التعاريف البلاغية والنحوية ونقد حدودها بأسلوب يحتاج إلى النقد، وبدى أن طالب الاستفادة لا يشغله غير ما