يدله على موطن استفادته، أما الأوهام التي يدل عليها قولهم:(فإن قيل)، فليس لها مدخل في الصميم فمتى تشذب هذه التواليف وتؤخذ الزبدة حتى تكون سائغة مقبولة؟
(إن الأعراب كانوا ينطقون بالسليقة والفطرة، فلم يعرفوا التنافر وضعف التأليف، والحركة الظاهرة والمقدرة، والإظهار، والإضمار، والاتصال، والانفصال - بل كانوا يرسلون القول إرسالا).
(إن معرفة الآراء واجبة، لكن التكليف والإرغام، والموافقة والاستسلام، لا يجب أن تكون حاجزا بين المناقشة وطرد مالا تستسيغه العقول فليس واجبا حصر العقول في خلافات سيبويه والكسائي والفراء وابن خروف وابن جنى، أو متابعة أقوال السكاكي والزمخشري والقزويني - لأن بحوثهم استطرادية). . .
(الطريقة المثلى التي يجب أن تدرس بها علوم اللغة تكون في الاقتصار على الاستشهاد من أقوال العرب الخالصين بالقواعد التي وضعها الأقدمون ثم الإشارة إلى المواضع التي اختلفت فيها الأقوال).
(يجب أن يقوم بعض المضطلعين بعلوم اللغة، والواقفين على أسرارها بوضع كتب علمية خالصة تحمل القواعد في أسلوب بعيد عن التلوى والتأويل، والتجوز، والمحاورة).
وقلت في جريدة (الجهاد): إن لغة التأليف في كتب الأزهر تقوم على التلوى والمداورة، والتأويل، والتحوير، والإلفاز والتعمية - واللغة العربية هينة لينة بعيدة عن التكلف والغموض بل هي احفل اللغات في التوسع والتجوز، وحفلت الفاظها بالمترادفات، وكثرت التعابير المجازية والكنائية في سلاسة وقرب مأخذ.
لكن السادة المؤلفين - رحمهم الله! - كانوا يرون البراعة من حيث الإعراب ويعدون الدقة في فصل العبارات بعضها عن بعض وتقديم الصفة على الموصوف والمتعلق على ما تعلق به، وعود الضمير على المتأخر في اللفظ والرتبة، والاستطراد، والإشارة البعيدة، والرمز الخفي، إلى غير هذه الأمور (المصطنقة) في التأليف العلمي.
هذا وكان الوقوف عند القديم وتمسك القائمين على التعليم في الأزهر (بالعبارة العلمية) المقصود بها (الحفظ الأعمى لا الفهم المبصر).
مما سبب عدم العناية بتلك التواليف الجامعة بين الورود والأشواك!! وبعد؛ فالحياة قد