صدر أخيراً كتاب (وميض الأدب بين غيوم السياسة) لمعالي الأستاذ إبراهيم دسوقي أباظه باشا، وقد نشره الأستاذان أحمد عبد المجيد الغزالي والعوضي الوكيل. وهو كتاب أدب خالص، لا كما قال الناشران في كلمتهما إنه من أدب السياسة، وما أخال المؤلف إلا يعني بعنوانه أنه إنتاج أدبي استطاع أن يفرغ له بعض الفترات في خلال اشتغاله بالسياسة. فأكثره دراسات لشعراء معاصرين، بعضها ألقي في حفلات تأبين وذكرى شعراء فارقوا الحياة، والباقي مقدمات لدواوين شعراء أحياء، بعضها نشر وبعضها لم ينشر.
والكتاب يدل على أصالة أدبية لدى مؤلفه الكبير، ولولاها لما ومض هذا الأدب بين غيوم السياسة. ومعاليه رجل كريم، حتى في الأدب، وقد خيل إلى وأنا أقرأ بعض الفصول أنها (مآدب) يأدب إليها من يتحدث عنهم، وإن معاليه لناقد ذواقة حصيف لولا هذا (الكرم).
وفي الكتاب شيء لا أدري ماذا أسميه، وأكبر الظن أنه من عمل من قام بجمع مواد الكتاب. فيه مقالة كانت قد نشرت في الرسالة بعنوان:(أدباء معاصرون أرشحهم للخلود)، وقد كتب بازائها في الكتاب أن الرسالة افتتحت بها عددها رقم ٧٨٠ ولكن حدث في الكتاب تغيير وتبديل وتقديم وتأخير وحذف وزيادة. . . ومن ذلك أن جاء في الكتاب:(إذا ما ذكر الناثرون كان في أولهم الأساتذة الأعلام: العقاد وهيكل والزيات والمازني) وبعد الكلام على الأول والثاني جاء عن الثالث (أما الزيات فهو أرق كتاب العصر ديباجة، وأنقاهم أسلوباً وأسلسهم بياناً). وأصل الكلام في الرسالة هكذا (إذا ما ذكر الناثرون كان أول من أذكره، وأول من يستأثر بإعجابي الأستاذ الجليل أحمد حسن الزيات، فهو أقوى كتاب العصر ديباجة وأنقاهم أسلوباً وأعرفهم بالصيغ العربية الصحيحة، ومن أراد البيان العربي في أسمى درجاته فعليه بما يكتبه الزيات).
ولا يخالجني شك في أن الباشا لا يصنع هذا، ولكن هل يعلم به معاليه؟