[أبي. . . .!]
للأستاذ أحمد عبد المجيد الغزالي
راحل! يا ضلالَ هذا الوجود ... هو باق في خاطري ونشيدي
ومن الرحلة البعيدة لقيا ... بين روحين فوق دنيا القيود
هامتا بعد فرقة الجسد الفاني ... إلى غير فرقة أو شرود
تنثران الأشواق همساً ونجوى ... وتعيشان في ادّكار العهود
السرار الخفي يسري بسمعي ... سريان الحنين بين العود
يا أبي. . . شاهت الحياة بعيني ... والجديد البهيج غير جديد!
الق لي الحكمة الكبيرة واملأ ... مِسمعي من يقينها المنشود
قد عبرت الحياة من شاطئ دانِ ... إلى شاطئ قريب بعيد
واجتليت الأسرارَ في حلَك الدنيا ... بهاد من فطرة التوحيد
عشقت روحك الرياضة والسَّبْح ... بواد لا ينتهي لحدود
أنت أطلقتها فهامت بسرّ ... أدركته على رماد الشهيد
ما انطلاق الأرواح؟ ما هجعة الجسم؟ وقد قرَّ فوق هذا الصعيد
ما انطفاء الحياةِ حين ُتوّلى؟ ... ما حياة الأرواح فوق اللحود؟
ما اللقاء الكبير في الجدث الضيق؟ ... ما السر بين تلك السدود؟
ما ارتياد المجهول من سبل الغيب؟ ... أنمشي لغاية أم نودى
طالما قلتَ لي تحدثُ عنها ... وتعيد الحديث للمستعيد
كاشفاً عن صفاءٍ حقائق الكون دقتَّ ... وتابّت على اللجوج العنيد
ترسل القولةَ الصريحة لله ... وما عن رضائه من محيد
صادراً عن صفاءِ نفس تسامت ... وتعالت عن الهوى والحقود
عشقت عالم السماء وباعت ... عالمَ الأرض بإرضاء الحميد
عشت لم تدخر سوى العمل الصالح ... لله لا لجاه العبيد!
لهف نفسي، وقد ضمت وليدي ... قائلا: ذاك طارفي وتليدي!
واثباً حوله تناغيه فرحان ... فيهتز هِزَّة الأملود