نقع على قصيدة يمدح بها الأمير سيف الدولة المتوفى عام٥٠١ هـ وبصور له فيها ألمه لبياض شعره إذ ألم الشيب برأسه قبل بلوغه الأربعين فيقول:
اقبل بلوغ الأربعين تسومني ... صروف الليالي أن أشيب واهرما
ونحن نعلم أن سيف الدولة ولي الإمارة مدة اثنتين وعشرين سنة، فلو فرضنا انه مدحه سنة توليه الملك أي عام ٤٧٩هـ لكانت ولادة الأبيوردي عام ٤٣٩هـ على ابعد تقدير.
غير أنا لا نلبث حتى نرى له قصيدة أخرى يشكر بها الوزير محمد بن منصور المتوفى عام٤٥٦ هـ فيكون عمر الشاعر يوم نظمها - على حسابنا المتقدم - سبعة عشر عاما فقط وهذا غير معقول إذ لا يحتمل أن تكون شهرته في هذه السن المبكرة قد بلغت من الذيوع درجة تجمل شرف الدين منصور يترع تبرعا بجميل يسديه إليه التماسا لشعره وشكره كما يدعي في القصيدة فنسها إذ يقول:
تبرع بالمعروف حتى كأنه ... يعد اقتناء المال إحدى المثالب
ونحن أميل إلى الظن انه ولد قبل هذه السنة، وما وصفه الشيب الذي حدث عنه سيف الدولة إلا حكاية ألم متقدم مزمن، وانه حين توفى عام ٥٠٧هـ كان قد بلغ من العمر طولا مديدا ظهر أثره في شعره المحكم حين اتصاله بالمقتدي والمستظهر وسيف الدولة وكلهم عاصروه أواخر القرن الخامس.