يقول الأستاذ (كارادفو) في ترجمة للفارابي في دائرة المعارف الإسلامية: (ومذهب الفارابي هو مذهب الفلسفة أعني الأفلاطونية الجديدة الإسلامية الذي بدأ، من قبله الكندي ووجد في كتب ابن سينا من بعده أكمل عبارة عنه، وقد يكون من الراجح أن الفارابي يخالف الكندي وابن سينا في بعض المواضع ولكن من العسير تعيين هذه المواضع، ومن المناسب التحفظ بل الشك في تفسير ما يتعلق بتفصيل مذهبه. والواقع أنا لا نعرف من آثاره إلا قليلا. ثم إن أسلوبه لا يخلو من غموض وفيما عرفنا من رسائله ما هو مصوغ بصورة حكم في نهاية الإيجاز من غير نظام في ترتيبها ثم إنه لا يمكن البت عن يقين بأن مؤلفات كثيرة كمؤلفات الفارابي يتداولها تأثير أرسطو وأفلاطون وأفلاطين تتجرد من التناقض. على أن الفكرة التي تعتبر قاعدة لهذا المذهب وهي التوفيق بين أرسطو وأفلاطون من ناحية، وبين هذه الفلسفة الملفقة والعقيدة الإسلامية من ناحية أخرى ليست في نفسها سليمة من التضارب).
ويرى الأستاذ مصطفى عبد الرزاق أن الفارابي من خير المفسرين لكتب أرسطو خصوصا في المنطق وآثاره في هذا الباب هو الذي جعله يستحق التلقيب بالمعلم الثاني إذ كان أرسطو هو الأول. هذا هو رأي بعض المؤرخين ومنهم (كارادفو)
إن فضل الفارابي لا ينتهي عند تفسير كتاب أرسطو وتصحيح تراجمها والتمهيد بذلك للنهضة الفلسفية في الإسلام التي تكاملت من بعده بل إن له أيضا أنظارا مبتدعة وأبحاثا في الحكمة العملية والعلمية عميقة سامية لم تتهيأ بعد للباحثين الوسائل لتفصيلها تفصيلا وافيا. وللفارابي كتاب في المدينة الفاضلة كما أن لأفلاطون كتابا في الجمهورية الفاضلة. والفارابي هو أول من عنى بإحصاء العلوم وترتيبها في كتابه (إحصاء العلوم) الذي نشره سنة ١٩٣١م الدكتور عثمان أمين مدرس الفلسفة بكلية الآداب ووضع له مقدمة طيبة وعنى