الدين وتعاليمه، وإنما تتوخى تطعيم النظم السياسية الاجتماعية والاقتصادية المعاصرة التي وجدت سبيلها إلى حاض المسلمين بجوهر العقيدة المحمدية وتعاليمها. وحركة الإحياء الدينية على هذا الأسلوب تترك العقيدة الدينية وشأنها فهي أجل من أن تجادل وتزج في معترك الجدل البيزنطي ولأنها - وهي غريزة فطرية - لا تستدعي النكران والشك فهي قسم من الوجود الإنساني وجزء من فلسفته وحقيقته. إنما الاتجاه الرئيسي في حركة الإحياء الديني هذه تتوخى صياغة النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية في قالب إسلامي. وتراث الإسلام - وهو دين عملي ودنيوي - زاخر بالأسباب التي تسهل هذه الصياغة وتجعل منها أسلوبا جديدا من أساليب الحياة، حياة الروح والمادة، وبذلك تحقق للدين تأدية وظيفته الاجتماعية - وهي وظيفة رئيسية على وجه لا يثير الاعتراض ولا يستدعي الثورة الجامحة العاصفة وإنما يستهوي الأفئدة والعقول. فإذا تسلح المصلح بالوجدانيات، المستمدة من الاختبار الديني وواجه بها مشاكل المجتمع، وبالعلم الحديث ثم صاغ الحلول في قالب منطقي مقبول استطاع أن يواجه الحياة العملية في نشاط فريد وفي روحانية تجند لنصرتها العقول الدنيوية (العلمانية) التي لا تؤمن إلا بالمنطق المادي والقلوب المؤمنة التي تبحث عن المجتمع الصالح في إطار الشريعة والحياة الدينية.