أرقى مناهج التعليم وأحدثها. وطلبة العلم في هذه المؤسسات يلقنون العقيدة الدينية فترسخ فيهم ويؤمنون إيمانا صادقا مخلصا ثم يدفعون إلى التحصين ضد أسلحة الإلحاد بالتعرف على جوهر تلك الأسلحة علمية مادية أو فلسفة منطقية.
فليس من الغرابة أن تجد قسيسا في أميركا الآن بروتستانتيا أو كاثوليكيا يحمل شهادة الدكتوراه في الاقتصاد أو الهندسة أو علوم الطبيعة بالإضافة إلى شهادة اللاهوت. بل الواقع أن هذا الاتجاه أخذ ينتشر الآن انتشارا واسعا في معظم المعاهد الدينية في بريطانيا وأمريكا على وجه الخصوص.
وقد لخص أحد أقطاب الفكر المعاصر في أمريكا هذا الاتجاه فقال: -
(المرء عدو لما يجهل ولكن عداءه يزداد قوة إذا تعرف على ما يجهله واكتشف فيه مواطن الضعف والقوة. فأني أهيب بحفظة الدين وخصومه على السواء أن يحاولوا - قبل أن يتخطوا المنطق الحرام - التعرف تعرفا إيجابيا صادقا على مواطن الضعف والقوة في جوهر تلك الخصومة. فهم لا بد مدركون بالعلم والدين أنهم متممان بعضهما لبعض وكل ما يستجلب السماحة والحالة هذه ملاقاة بعضهما لبعض على صعيد من المعرفة الحقة لجوهر الأشياء لا لظواهرها. وبهذا تزداد عداوتهما قساوة لا لبعضهما بعضا ولكن للجهل الذي ولد بينهما الخصومة.)
ولعل أبرز مزايا حركة الإحياء الديني للإسلام في باكستان تعود إلى تسلح قادتها بهذا السلاح المزدوج الذي قوامه صدق الاختبار الديني والإلمام بالعلوم الدينية في أعلى مراقيها.
فأنت حين تطالع آثار هؤلاء القادة تلمس اتساع الأفاق وقوة الإقناع والاعتزاز بالعقيدة اعتزازا لا يعود فقط إلى رسوخ الاختبار الديني والتقوى في نفوس هؤلاء المصلحين بل إلى إلمامهم إلماما واسعا بالعلوم وعلى تراثها المعاصر والقديم في الشرق والغرب وإلمام هؤلاء السادة بهذه العلوم واستيعابهم للتعاليم الإسلامية استيعابا شاملا مهد لهم سبل الإيمان بقوة الدين الاندفاعية وصلاحها لبناء مجتمع صحيح لا يتعارض مطلقا مع المستجد المفيد في الحضارات الغربية المعاصرة. وأبحاث هذه المدرسة الفكرية الإسلامية في الهند والباكستان لا تعتمد على اللفظ والإنشاء والتبرير أو الاعتذار والوقوف موقف المدافع عن