للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[بناء العلم]

للسير جيمس جنز

ترجمة إبراهيم البرسي

إذا ما تجمع لدى الباحثين قدر مناسب من الحقائق في ناحية من نواحي العلمية، فالخطوة التالية تكون محاولة إيجاد قاعدة عامة تربط هذه الحقائق جميعها؛ وقد تتفق هذه القاعدة أولا تتفق مع الاعتبارات المقررة. ولا يكفي أن تفسر هذه القاعدة الحقائق المعروفة، بل لا بد أن تتفق مع كل ما يكشف منها؛ فهي على ذلك لا تكون إلا بمثابة افتراض؛ ويبدأ العالم بأن يقول: (إن التجارب أثبتت هذه الحقائق، وأرى أن افتراضاً معيناً يتفق معها جميعها) ثم يستمر هو وأمثاله في العمر للحصول على بيانات أدق وأوفى مرتبطة بالحقائق الأولى؛ وكثيراً ما يؤدي ذلك إلى الوصول إلى حقائق جديدة. ويمتحن الافتراض الأول بمطابقته للمعلومات الجديدة

أما إذا وجد افتراضان متناقضان، فقد يكون ممكناً أن نتبين الصحيح منهما؛ فإذا أمكننا مثلاً أن نبين أن ظاهرة (س) تحدث إذا كان الفرض الأول صحيحاً، ولا تحدث إذا كان الفرض الثاني صحيحاً، فبأجراء تجربة لمشاهدة ظاهرة (س) يثبت أحد الافتراضين

هذه التجربة كغيرها: هي في الواقع توجيه سؤال للطبيعة وهو: (هل يستقيم الفرض الأول؟. .) وهي تجيب بان ترينا إما ظاهرة مناقضة للفرض أو متفقة معه. ولكنها لا تستطيع مطلقاً أن ترينا ظاهرة تثبت صحة هذا الفرض، لان ظاهرة واحدة تكفي لتهدم فرضاً معيناً بينما لا تكفي ملايين الظواهر لإثباته. ولهذا السبب لا يستطيع العالم أن يجزم بمعرفته أي شيء على وجه التأكيد؛ اللهم إلا الحقائق المباشرة للمشاهدات. وإذا تعدى هذا فلا يستطيع التقدم إلا بافتراضات متعاقبة تحظى الواحدة منها باتفاقها مع حقائق اكثر من سابقتها وتتخلى كل منها لمن تتبعها؛ وفي الواقع لن يأتي وقت لانتقال من الافتراضات إلى التأكيدات

الآن وقد ناقشنا أبسط مثل لاستفسار الطبيعة يجدر بنا أن نشير إلى بعض الصعوبات، فليس من الممكن دائماً أن تضع سؤالاً يكون جوابه (الإيجاب) أو (النفي) فقط، فكثيراً ما تنشأ مسائل أكثر صعوبة عند ما يخدع فرض وهمي من يقوم بتجربة، أو يحاول الحصول

<<  <  ج:
ص:  >  >>