للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الكتب]

رسالة المنبر إلى الشرق العربي

للأستاذ فليكس فارس

يقول الله في صفة بقية القوم الصالحين من القسيسين والرهبان (وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق، يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين) وقد قرأت كثيراً من هذا الكتاب فتراءت لي هذه الآية، وتراءى الأستاذ فليكس فارس بقية من هذه البقية الصالحة، فهو طالب حق لا يغفل، وساع إلى غاية لا يمل. والكتاب مجموعة من أدب الأستاذ تربط بينها هذه الرابطة: طلب الحقيقة مبرأة من العصبية لما يخالفها، وسعى إلى غاية مبدأة في الطلب، يحتمل في سبيلها إرهاق الفكرة للبلوغ، وحرمان النفس للسمو، والعدل بين المتخالفين لإقرار الحق وتثبيته والعلو به عن نوازع النفوس وشهواتها، وهو في ذلك فارس كاسمه متدفع متدفق، مأمون العثرة، حديد النظرة، ثابت الجنان لا يرهب ولا يتخلف

وقد تعاطى - في كتابه - القول في كثير من الأدباء، وتكلم في أدبهم الكلام القسط، وكشف ببيانه عن الحقيقة الأدبية التي انطوى عليها أدبهم، وعن الحقيقة الفنية التي اشتملت عليها جوانحه، وافصح عن الحقيقة الشرقية التي تعمل في حياة الشرق عمل الدؤوب والاستمرار لتجعل في ضعفه قوة عضلة تستعصي على الأنياب الأجنبية التي تزعم أنها (تستعمر) أرضه وبلاده ونفوس أهله وبنيه. فجزى الله (فارس الحلبة) خير ما جوزي مجاهد عن أمته.

وقد سمى الأستاذ الفارس كتابه (رسالة المنبر إلى الشرق العربي) وأصاب، فهو في جوهره يحمل الأصل المشرق الذي تكون منه الرسالة. ففيه الشمول والتعدد واختلاف الأغراض وما يتبع ذلك مما يمتاز به الكاتب من جودة الفكرة، وجلاء العبارة، وحسن القصد، وبلاغ الغاية. فأنت من أول فصل مندفع إلى قراءة البقية لما تجد من الروعة واللذة والفائدة.

بدأ رسالته بقوله (نحن وأنتم)، وهي أول رسالة إلى البلاد العربية مصر والشام والعراق وأرض الحجاز فهو فيها عربي قد غلبته عروبته على هواه وعلى عصبيته، يدعو دعوة الحق لليقظة والاتحاد والتعاضد والتخلص من آصار العبودية القاتلة التي تتلجلج في

<<  <  ج:
ص:  >  >>