للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[٣ - فريزر ودراسة الخرافة]

الزواج

للدكتور إبراهيم بيومي مدكور

قد لا تكون الخرافة استولت على أية ظاهرة اجتماعية استيلاءها على الزواج وشؤونه؛ فرفعت قدره، ودعت الناس أليه، وحددت قيوده، ونظمت ما يحيط به من طقوس ورسوم؛ فلا يكاد المرء يفكر في أن يتزوج حتى تتسرب الخرافة مسرعة إلى تفكيره هذا، محاولة أن تعين له الزوجة التي تليق به، وباحثة عما إذا كان نجمها يتفق مع نجمه، وطالعها يتلاءم مع طالعه. وكثيراً ما أحيطت حفلات العقد والزفاف برقي وتعاويذ أملتها الخرافة وأحكمت وضعها. وبين ظهرانينا من هذه الخرافات الشيء الكثير؛ (فالتبييته)، وحساب الطالع، وقراءة الكف، (وضرب الرمل)، ترمي غالباً إلى اختيار الزوجة الصالحة والشريكة الملائمة في الحياة الأسرية؛ وإذا ما قر رأي الشاب والشابة على الزواج أسبغت عليهما الأحراز والتمائم التي تقيمها الساحر وضره والحاسد وشره. فتارة يكتب لهما بالألفة والمودة، وأخرى يحصنان مما يوقع بينهما الشحناء والبغضة. ولم تتعفف الخرافة عن التدخل في العلاقات الجنسية بين المرء وزوجه فتثيرها وتنشطها، أو تقف في طريقها وتقضي عليها. وكلنا يعرف خرافة (الحل والربط) السائدة في قرانا، والتي كانت ولا تزال مصدر رزق لجماعة السحرة والدجالين، وباب شر دائم وألم مستمر للزوجين ومن يتصل بهما من أهل وأصدقاء. طغت الخرافة كذلك على الأسرة المكونة فسولت لبعض الناس أنها قادرة على أن ترد العاقر ولوداً، وتسلب أم الأولاد نسلها وتقضي عليها بالحرمان والعقم

لم يعن فريزر في كتابه (محامي الشيطان) بدراسة هذه الخرافات المتعددة؛ وإنما تفرغ لإيضاح نقطة واحدة هي موضوع كلمة اليوم. وتتلخص في أن الخرافة غرست في القلوب حب الحياة الزوجية وتقديسها، وحملت الناس على احترام القواعد الخلقية والقوانين الجمعية الخاصة بالعلاقات الجنسية بين العزب والمتزوجين. ذلك أنها أثارت على الزنا والفسق حرباً شعواء وصورتهما في أقبح صورة ممكنة، فأبعدت الناس عنهما بقدر ما قربتهم من الحياة الأسرية المنظمة. فالزنا واللواط وكل اختلاط جنسي غير مشروع كانت ولا تزال لدى كثير من القبائل الهمجية من أفحش الخطايا الخلقية التي لا يقع إثمها على

<<  <  ج:
ص:  >  >>