مرتكبيها وذويهم فحسب، بل يتعداهم إلى الطبيعة فيقلب نظامها، وإلى الآلهة فيثير سخطها وغضبها. وربما أدت فعلة من هذه الفعال السيئة إلى هلاك الحرث والنسل، وموت الزرع، ويبس الضرع، وسقوط المطر، والرعد والبرق، ونزول الصواعق التي لا تبقي ولا تذر. ذلك أضحى الزنا وتوابعه جريمة شعبية تهدد المجتمع بأسره وتعدو عليه في أهم عناصر حياته من غذاء وماء وأمن وعافية
يزعم سكان برمانيا من أعمال الهند الصينية أن الزنا ذو أثر سيئ على الحاصلات المختلفة. فإذا ساء المحصول في قرية من القرى أو انقطع عنها المطر عاماً أو عامين متتاليين اعتقد الناس أن ذلك راجع إلى ارتكاب الفحشاء التي أغضبت الآلهة. وإذا وقف البرمانيون على حادثة من حوادث الزنا ألزموا الجناة بشراء خنزير صغير يكون في سكب دمه ما يغسل خطيئتهم الشنعاء؛ وقد جرت عادة المتقرب أن يبتهل إلى الله حين يقدم قربانه قائلاً:(إله الأرض والسماء والجبال والهضاب، قد أجدبت الأرض من أجلي، فلا تنزل عليَّ جام غضبك ونذير سخطك، وارأف بي وارحمني. هأنذا أصلح الجبال وأسوي الهضاب وأحفر الأرض وأشق الأنهار، فاللهم رد إلينا الحصَل المفقود، ولا تضيع علينا أي مجهود، وأخصب أرضنا، ونم زرعنا)
ويعتقد كذلك كثير من برابرة أفريقية الغربية أن الآلهة تعاقب بالجوع والخوف والقحط والجدب كل جماعة انتهك فيها عرض إذا اعتدي على محرم. ويروى أنه سنة ١٨٩٨م انقطع المطر عن هذه الجهات زمناً طويلاً، فجفت الذرة، واحترقت أوراق البطاطس والنباتات الأخرى. فهرع الأهلون إلى قسسهم يرجونهم أن يستكشفوا سر هذا السخط العظيم. وبعد تضرع طويل وابتهال خالص تبين هؤلاء القسس أن آلهة السماء غاضبة على سكان الأرض لسوء سلوكهم. فجمع كل رئيس أتباعه، وأرسل فيهم العيون والأرصاد للبحث عن أصل هذه الجناية الكبرى. وقد أدى البحث الدقيق إلى إثبات أن ثلاث فتيات أبحن أعراضهن وأكلن بأثدائهن؛ وما إن همت القبائل بمعاقبتهن حتى نزل المطر مدراراً! ويزعم كثير من متوحشي سومطرة أن الزنا مجلبة للطاعون والأمراض المهلكة واعتداء الحيوانات المفترسة أمثال النمر والتمساح. وعلى الجملة فمعظم القبائل الهمجية الباقية إلى اليوم يعتقد أن كل اعتداء على العرض أو مخالفة لقوانين الزواج مصدر عقوبات سماوية