قال أبو حيان التوحيدي: سألت أبا سليمان المنطقي عن الفرق بين الصداقة والعلاقة فقال: (الصداقة أذهب في مسلك العقل وادخل في باب المروءة، وابعد من نوازي الشهوة، وأنزه عن آثار الطبيعة، وأشبه بذوي الشيب والكهولة، وأرمى إلى حدود الرشاد، وآخذ بأهداب السداد، وابعد من عوارض الغرارة والحداثة. فأما العلاقة فهي من قبل العشق والمحبة والكلف والشغف والتتيم والتهيم والهوى والصبابة والتدانف والتشاجي، وهذه كلها أمراض أو كالأمراض بشركة النفس الضعيفة والطبيعة القوية، وليس للعقل فيها ظل ولا شخص، ولهذا تسرع هذه الأعراض إلى الشباب من الذكران والإناث وتنال منهم وتحول بينهم وبين أنوار العقول وآراء النفوس وفضائل الأخلاق وفوائد التجارب، ولهذا وأشباهه يحتاجون إلى الزواجر والمواعظ ليفيئوا إلى ما فقدوه من اعتدال المزاج والطريق لوسط، على أن العشق والمحبة وما يحويهما فيه كلام من نحو آخر. . .)
كيف يسوس الرجل زوجه:
وقفنا في هذا العصر على كلمة للشيخ الرئيس أبي علي بن سينا كأنه كتبها لهذا العصر وليست هذه الكلمة إلا دلالة على إن ما بين المرء وزوجه إنما هو هو في كل زمان وفي كل عصر
قال الشيخ الرئيس:
(جماع سياسة الرجل أهله ثلاثة أمور لا تدعه، وهي الهيبة الشديدة، والكرامة التامة، وشغل خاطرها بالمهم. أما الهيبة فإن الزوجة إذا لم تهب زوجها هان عليها، وإذا هان عليها لم تسمع لأمره ولم تصغ لنهيه، ثم لم تقنع بذلك حتى تقهره على طاعتها فتعود آمرة ويعود مأمورا. . . وذلك هو الانتكاس والانقلاب، والويل حينئذ للرجل ماذا يجلب له غرورها وطغيانها ويسوقه إليه غيها وركوبها هواها من العار والشنار والهلاك والدمار. فالهيبة رأس سياسة الرجل أهله وعمادها، وهي الأمر الذي ينشد به كل خلة ويتم بتمامه كل نقص ولا يتم دونه أمر فيما بين الرجل أهله، وليست هيبة المرأة لبعلها شيئا غير إكرام الرجل نفسه وصيانة دينه ومروءته وتصديق وعده ووعيده.