إلى العذراء التي طال عليها الانتظار، وظلت مجهولة كزهرة الصحارى والقفار. إلى الحزينة الصامتة تسائل نفسها: متى وأيان، أهدي كلمتي وأقدم تعزيتي
(ليلى)
يا لؤلؤتي اللامعة، يا درتي الغالية، يا زنبقتي الناضرة الناصعة، مضت الشهور والأعوام، وأنت قابعة في انتظار. ما الذنب ذنبك، ولكنه أبوك الفقير، لا هو موظف كبير، ولا صاحب جاه خطير، لقد طغت المادة على الرجولة فأضعفتها، وعلى الأخلاق فأفسدتها، فتعامت العيون عن الجوهر المكنون، وتهافت الشباب المتسكع على أبواب الغنى واليسار يطلبون يد الفتاة التي يعيشون على هامش حياة أبيها متفاخرين، وعلى صبابة من ماله متهالكين. يحز في قلبي وتملأه الحسرة أن ينطفئ في نفسك نور الأمل، وينهار صرح الأماني، وأن تخبو نظرتك المتألقة، وتفيض ابتسامتك المشرقة، ويختفي الفرح الذي يملأ قلبك، والمرح الذي يشع في نفسك، والروح الهانئة الحالمة تصبح حيرى متألمة. هاهن أخوات لك أخريات ينمو بهن الشباب كما تنمو الأزهار في المنبت الطيب والتربة الجيدة يشتد، عودهن ويقوى ينتظرن انتظارك ويحلمن أحلامك، والمستقبل أما مكن مظلم غامض، وعجلة الحياة تدور بغير ما هوادة ولا رحمة، والقلوب الحزينة مطوية على الأمل الضائع كما يطوى القبر على عزيز غال، والعبرة محبوسة لا تفيض، والشفاه لا تنبس بأنة ولا شكوى، والعاطفة مكبوتة في سجن التقاليد. إنه ليؤلمك أن تكوني عالة على ذويك، وعبئاً على أمك وأبيك. ما توقعنا لك خيبة الأمل، وإلا أعددناك لحياة الشقاء والعمل
يا بنيتي الحبيبة، لم يكن ينقصك عقل ولا ذكاء موفور، لك الحسن والرواء، ثقفناك على قدر ما وسع جهدنا، وحبوناك بعطفنا وحناننا، ورعيناك بالأعين والقلوب، وأتحفناك بكل ما تسمح الجيوب، ولم نترك فيك خلقاً إلا قومناه، ولا اعوجاجاً إلا أصلحناه، حتى ملأت البيت علينا بالبهجة والسرور، وغدوت زينة المجتمع والخدور. والآن يعتورك الملل تضيقين بنا ونضيق بك، وما هو ذنبنا أو ذنبك، إنها المادة التي طغت على الرجولة فأضعفتها، ولا على الأخلاق فأفسدتها. وأبوك موظف صغير، لا هو بالغني ولا بالكبير. لقد تغير العصر