للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الغزو الاقتصادي الياباني لاسواق العالم واثره في]

[الاقتصاد المصري]

للأستاذ محمد عبد الله عنان

تتمه

استطاع الغزو الاقتصادي الياباني أن يحدث أثره في معظم الأسواق القديمة بسرعة مدهشة. وقد قال مسيو هيرونا وزير الخارجية اليابانية في إحدى تصريحاته الأخيرة إن هذه النهضة الصناعية والتجارية التي تضطلع بها اليابان إنما هي ثمرة العمل والمثابرة، ولا تعتمد على وسائل غير شريفة، وليس وراءها أية نزعة عدائية. وقد بينا في مقالنا السابق ظرفاً من الظروف والأحوال الاقتصادية المشجعة التي تعمل فيها الصناعة اليابانية، ولكن اليابان لا تستطيع بمثل هذه التأكيدات أن تهدئ ما يبثه غزوها الاقتصادي في معظم الدول الصناعية والتجارية من عوامل الخوف على مستقبلها الاقتصادي. ويجب أن نذكر أن النفوذ الاقتصادي إحدى الوسائل القوية التي يعتمد عليها الاستعمار الغربي في توطيد نفوذه وسلطانه في أفريقية وآسيا، وأنه يكون غالياً طليعة الفتح السياسي وذريعته، فاذا اضطربت دعائم هذا النفوذ الاقتصادي، اضطربت دعائم السيادة الاستعمارية التي تقوم عليه؛ والتحرير الاقتصادي دعامة قويه للعمل في سبيل التحرير السياسي. فالدول الاستعمارية التي يزعجها الغزو الياباني لا تقف في مقاومته عند تقدير الاحتمالات الاقتصادية وحدها، ولكنها تنظر الى آثار من وجهة أشد خطراً وأبعد مدى وهي وجهة مستقبلها الاستعماري

ولا ريب أن بريطانيا العظمى في مقدمة هذه الدول، بل هي أولها واسبقها الى التأثر بهذه المنافسة الخطرة التي تهدد نفوذها الاقتصادي والاستعماري في معظم أرجاء امبراطوريتها الشاسعة، وتخلق لها مشكلة امبراطورية في منتهى الخطورة. ذلك أن بريطانية العظمى تسمد كثيراً من أسباب غناها وقوته وعظمتها من نفوذها الاقتصادي وتفوقها الصناعي والتجاري؛ وهذا النفوذ الاقتصادي اقوى دعامة في صرح سلطانها الاستعماري؛ فاذا تقوضت دعائم هذا النفوذ اضطرب بناء الامبراطورية كله. وبريطانيا تشعر اليوم بأن تقدم

<<  <  ج:
ص:  >  >>