الغزو الاقتصادي الياباني بهذه القوة المدهشة يعرضها لمثل هذا المأزق الدقيق؛ وتشعر باقي الدول الاستعمارية مثل فرنسا وهولنده وإيطاليا، بأنها تواجه نفس الخطر؛ وترى الولايات المتحدة أسواقها القديمة في أمريكا الجنوبية تفلت من يدها لتذهب الى قبضة منافستها الأسيوية؛ وتعمل الدول الغربية جميعاً لرد هذا الغزو كل بواسائها الخاصة، وقد نراها غير بعيد تحاول رده بوسائل مشتركة إذا عجزت من مقاومته منفردة كما حاولت أيام غزو اليابان لمنشوريا وتقدم الاستعمار الياباني في الصين
وقد يكون الغزو الاقتصادي الياباني من هذه الناحية أعنى من ناحية العمل على تقويض نفوذ الدول الغربية الاقتصادي في أفريقيا وآسي وإضعاف سلطانها الاستعماري بذلك، خليقاً بعطف الأمم الشرقية وتأييدها، خصوصاً وأنه لا يبيت وراءه مطامع استعمارية، - واليابان تقف بأطماعها الاستعمارية عند الصين وسيادة الباسفيك -، وهو خليق بعطف الأمم المغلوبة بقدر ما يحدث للأمم الغربية الغالبة من صعاب ومتعب تفت في بنائها الاقتصادي وسيادتها الاستعمارية؛ ولكن العطف على جهود اليابان من هذه الناحية العامة، يجب ألا يحول بيننا وبين تقدير العوامل والآثار الاقتصادية الضارة التي تترتب عليها من الوجهة المحلية؛ وما يعنينا قبل كل شيء هو بحث هذه الآثار في اقتصادنا المصري، فقد أخذت طلائع الغزو الياباني تحدث أثرها في السوق المصرية بسرعة، وتثير من العوامل والاحتمالات ما قد يعرض مستقبلنا الاقتصادي الى أخطر النتائج إذا لم تتخذ الوسائل اللازمة لتوطيده وحمايته
ذلك ان محصول مصر الرئيسي ونعنى القطن يرتبط أشد الارتباط في انتاجه وفي تصريفه بصناعة القطن البريطانية؛ هذا ومن جهة أخرى فان في مصر الآن صناعات قطنية هامة يجب حمايتها وتشجيعها على التوسع والنمو؛ والصناعة القطنية اليابانية تتقدم بسرعة ويحدث هذا التقدم أثر السيئ في الصناعات القطنية البريطانية التي تستهلك أعظم كمية من القطن المصري؛ ومن الغريب أن اليابان مع كونها لا تنتج سوى قليل من القطن الرديء، استطاعت أن تتقدم في الصناعة القطنية حتى أصبحت في انتاجها ثالثة دول العالم بعد الولايات المتحدة وانكلترا؛ ويبلغ ما تصدره اليابان من البضائع القطنية نحو ٢٠ % من مجموع صادراتها، واليابان تستورد كميات عظيمة من القطن الرديء من الهند والولايات