للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[صور من الشعر الحديث في العراق]

للأستاذ إبراهيم الوائلي

الكاظمي

لم يطل مكث الشيخ عبد المحسن الكاظمي في العراق فقد هاجر منه إلى مصر سنة ١٨٩٧م وهو في السابعة والعشرين أو الثانية والثلاثين واستقر به المقام في القاهرة سنة ٨٩٩م والتاريخ يحدثنا أن الكاظمي ترك العراق مرغما من قبل السلطات الحاكمة وقد كان تركه هذا أشبه شيء بالهرب. ويقول الذين أرخوا هذه الفترة من حياته. أنه اضطهد بسبب اتصاله بالسيد جمال الدين الأفغاني عند مروره بالعراق لأنه تأثر بمبادئه واقتبس من آرائه فغضبت عليه السلطات واضطرته إلى مغادرة العراق. ير أن الذي وجدناه في ديوان الكاظمي لا يدل على مناهضته للسياسة العثمانية يوم كان في العراق بل وجدناه شاعرا مؤيدا لهم هاتفا بمجدهم؛ وقصيدته (حرب الحياة الباقية) المنشورة في الجزء الأول من ديوانه دليل واضح على تأييده للعثمانيين وحثهم على محاربة الأوربيين وبخاصة دول البلقان متى ثارت عليهم في أواخر القرن التاسع عشر ومن هذه القصيدة:

حماة العلي قد حان حصد الجماجم ... أقيموا العلي واستأصلوا كل هادم

حماة العلي طال السكوت فعاذر ... إذا نطقت أسيافكم في الجماجم

خصومكم ضلوا وطاشت سهامهم ... وما وسموا إلا بشر المياسم

رعاياكم يا آل عثمان أصبحوا ... ملوكا وملك البغي ليس بدائم

أرى دول البلقان طالت أنوفها ... على دولة آثارها في المخاطم

والقصيدة طويلة وكلها مدح واستنهاض. ولا نستطيع أن نفسر هذا المنحى الذي نحاه الكاظمي إزاء سياسة الأتراك إلا بالعطفة وحدها وهي التعصب للإسلام؛ فهو إذن لا يعدو هذه العاطفة الإسلامية التي أنسته كل شيء فلم يقف في طريقه ما عاناه العراق من تدهور ومآس في ظل الحكم العثماني.

ولا نريد أن نحاسب الكاظمي على هذا الموقف الذي وقفه ما دام منبعثا عن حسن نية وصفاء عقيدة. على أنه موقف واحد سبقته مواقف لا ترضي العثمانيين، وتلته مواقف أخر فيها الشدة والصرامة عليهم. أما الأولى فدليلها السخط الذي انصب عليه فاضطر إلى

<<  <  ج:
ص:  >  >>