هنالك جزيرة القبور، جزيرة الصمت والسكون، وهنالك أيضاً أجداث شبابي، فلأحملن إليها إكليلاً من الأزاهر الخالدات
بهذا ناجيت نفسي، فقررت أن أقتحم الغمر
يا لصور الشباب وأشباح أحلامه، يا للحظات الغرام! يا لأويقات الحياة الإلهية! لقد تراميت سريعاً إلى الزوال، فأصبحت أستعرض ذكرياتك كما أستعرض خيال الأحبة الراقدين في القبور.
إن نفحات الطيب تهب منك يا أعز المضيعات فتروح عن قلبي وتستقطر مدامعي، إنها لنفحات تستنبض قلب العائم وحيداً على العباب.
أنا المنفرد أراني أغنى الناس وأجدرهم بالغبطة لأنك كنت لي يوماً أيتها الذكريات ولما أزل أنا لك، فقولي لي: على مَ تساقطت ثمراتك الذهبية عن أغصانها؟
إنني لم أزل منبتا لغرامك الذي أورثتنيه يا أيام الشباب وبذكرك تنور فضائلي بعد وحشتها بعديد ألوانها الزاهية
وآ سفاه، ما كان أولاك بألاَّ تفارقينني، أيتها الأيام الساحرات فقد اقتربت إليَّ وإلى شهواتي لا كأطيار يسودها الذعر بل كأطيار تستأنس بالواثق بنفسه
أجل لقد كنتِ معدة مثلي للبقاء على العهد إلى الأبد، يا أويقات الشباب، وليس لي أن أدعوك خائنة وقد وصفتك بالأويقات الإلهية. لقد مررت سِراعاً أيتها الأويقات الهاربات وما هربت مني ولا أنا هربتُ منك، فما أنا مسؤول ولا أنت أيضاً عن خيانتك وعن خيانتي
لقد أماتوك طلباً لقتلي، يا أطيار آمالي وصوبت الشرور سهامها نحوك لتصل مخضبة بالدماء إلى قلبي فأصابت هذه السهام مقتلاً مني لأنك كنت أعز شيء لدي بل كنت كل ما أملك، لذلك قضي عليك بالذبول في صباك والزوال قبل أوانك