هذا هو السجل الثاني لمظاهر النشاط الثقافي في البلاد المصرية في جميع نواحيه، ما عدا الناحية التي تنهض بها معاهد التعليم وفق برامجها الرسمية، وقد صدر السجل الأول في العام الماضي عن سنة ١٩٤٨. وتقوم بإعداده إدارة التسجيل الثقافي بوزارة المعارف، وهي إحدى الإدارات المتفرعة من الإدارة العامة للثقافة، وقد أنشأت إدارة التسجيل سنة ١٩٤٧ وكان مديرها الأستاذ محمد سعيد العريان وهو صاحب فكرة التسجيل الثقافي وواضع مشروع السجل، ومما يؤسف له أن ظهر السجل الأول ثم الثاني ولم يشر إليه في أحدهما بكلمة، على حين أشيد - في مقدمة السجل الأول التي كتبها الدكتور محمد عوض محمد بك - بفضل الأستاذين محمد عبد الواحد خلاف بك ومحمد فريد أبو حديد بك على أن السجل ثمرة جهودهما، لأنهما كانا - على التعاقب - مديرين عامين للإدارة العامة للثقافة قبل الدكتور عوض بك. والحقيقة التي يجب أن تذكر أن إشراف هؤلاء الأساتذة الكبار على أعمال التسجيل كان من بعيد جدا. . والعمل كله قام به موظفو إدارة التسجيل ومديرها الحالي الأستاذ أمين دويدار. ومن تمام الحقيقة أن يذكر فضل خلاف بك خلاصة في إنشاء السجل والعمل على تحقيق فكرته وقد اقتنع وتشبع بها، ولكنه نقل قبل أن يبدأ العمل المباشر في إعداد المواد.
ونعود إلى هذا السجل الثاني الذي صدر أخيرا، فأقول أنه يدل على جهود موقفه بذلت فيه، والموازنة بينه وبين الأول تظهر الفرق واضحا بينهما، ولا عجب في ذلك فقد كان السجل الأول باكورة العمل، ومما يذكر أن هذا التسجيل الثقافي اجتهد فيه القائمون به على غير مثال سابق، ودون قواعد موضوعة أو توجيه يذكر من رؤساء، بل كانوا يتهمون بأنهم يلعبون وهم يعملون في صمت، حتى أخرجوا السجل الأول، وترقبوا صداه، فانتفعوا بما وجه إليهم من نقد صادق وما نقدوا رأيه أنفسهم، وأشرف على ذلك وشارك فيه مشاركة نافعة الأستاذ محمد عبد الله عنان الذي عين مراقبا في الإدارة العامة للثقافة بعد إعداد السجل الأول. فجاء السجل الثاني خطوة كبيرة نحو الكمال في هذا الفن الناشئ في مصر،