يسرني أن أحيي فريق الكشاف العربي، تحت سقف هذا البناء القديم، باسم دائرة الآثار القديمة
إنني أحيي فريق الكشاف العربي باسم دائرة الآثار العربية مع علمي بأن الكثيرين من الحضور سيستغربون قولي هذا وسيتساءلون: ما شأن الآثار القديمة في الأعمال الكشافية؟
في الواقع أيها السادة أن الكشاف يمثل (الشباب المتجدد) وأعمال الكشافة كلها بمثابة (استعداد للمستقبل) في حين أن هذه البناية هي (موئل القديم) وكل ما فيها (مثال الماضي ومرآة التاريخ) فجمع الكشافة في هذه البناية القديمة بين القاعات المملوءة بالآثار القديمة، يظهر في الوهلة الأولى كأنه (الجمع بين الأضداد) مثل (الجمع بين الماضي والمستقبل)
غير أنا، أيها السادة، إذا تعمقنا في البحث قليلاً نضطر إلى التسليم بأن الماضي والمستقبل ليسا متناقضين إلا من حيث المعنى اللغوي؛ أما من جهة العمل الاجتماعي فإنهما مرتبطان متلازمان، فإن الماضي منبع المستقبل دائماً، كما أنه من عوامل الدفع إلى الأمام في كثير من الأحيان ولاسيما في حياة الأمم التي تستفيق من سباتها وتنزع إلى النهوض بعد الرقود
لقد قال أحد المفكرين:(إن الأموات لا يرقدون في المقابر في حقيقة الأمر، بل إنهم لا يزالون يعيشون في نفوس الأحياء ويسيطرون على الكثير من أعمالهم في كثير الأحيان) إن هذا القول يحتوي على قسط كبير من الحقيقة ولاسيما في حياة الأمم. فلأجل أن نقتنع بذلك جيداً يجدر بنا أن نلقي نظرة عامة على أهم مقومات الأمم
إن كل أمة من الأمم تكون شخصية معنوية تتصف بالحياة والشعور وتمتاز ببعض النزعات والميول
إن حياة الأمة تقوم بلغتها بوجه عام، أما الموت بالنسبة إلى الأمة فليس - في حقيقة الأمر - إلا في الحرمان من اللغة الخاصة بها. إن الأمة التي تدخل تحت حكم دولة أجنبية تفقد استقلالها وحريتها، تصبح مستعبدة لها ولكنها لا تفقد حياتها ما بقيت محافظة على لغتها، فقد قال أحد المفكرين: (إن الأمة المحكومة التي تحافظ على لغتها تشبه السجين الذي يمسك