تذكر لنا الرواية اليونانية أن سقراط حينما حكم عليه بالموت أشار عليه أصدقاؤه بمغادرة أتينا والنجاة بنفسه، فأبى عليهم ذلك، وآثر الموت على الفرار. ولما قدمت إليه كأس السم تجرعها بجرأة ورباطة جأش، ولم يكد يفرغ من تناول ما فيها حتى أجال نظره بين أصحابه، فلمح عبراتهم تتساقط على وجناتهم حزناً عليه، وألماً لما حل به؛ فآلمه هذا المشهد، ووقف في أصدقائه خطيباً وهو في نزاعه الأخير، يشرح لهم الموت ونظرته إليه، ويطلب إليهم أن يكفوا عن البكاء. وقد نظر الشاعر الفرنسي الكبير لامارتين إلى هذه الرواية، فنظم حوادثها في شعر يفيض رقة وعذوبة وجمالا وسلاسة، وجعل عنوانها (موت سقراط). وفيما يلي خطبة سقراط بعد تجرعه السم، وهي من أروع ما جاء في هذه القصيدة الفذة