هل يتاح للأمة اليونانية النصر في صراعها الحالي مع إيطاليا؟ أو هل يتاح لها على الأقل أن تحتفظ باستقلالها من العدوان الفاشستي؟ سؤالان لا أكاد أجلس في مجتمع حتى أسمعهما، فأسمع أحاديث المتشائمين والمتفائلين، وأسمع حججاً تبرر التشاؤم والتفاؤل، وأسمع مقارنات تدل على الحيرة والتردد في الأخذ برأي قاطع؛ ويرى كثيرون أن مأساة الحرب الروسية الفلندية تتكرر بين إيطاليا واليونان
ومن الواجب أن يقف الباحث لحظة أما هذه الأسئلة الدقيقة، فيستعرض موقف الدول الأربع مما يسمي الناحية العسكرية بما تضم من استعدادات عسكرية، والقرب أو البعد من البلاد الحليفة والمؤيدة، وسهولة صلتها بها أو صعوبتها، وانشغال الدول المعتدية بالحرب في ميادين أخرى
فبين إيطاليا وروسيا كثير من وجوه الاتفاق، وبينهما أيضاً كثير من وجوه الاختلاف ولا يسعنا إلا أن نرجح فيها كفة اليونان؛ وبين فلندا واليونان كثير من وجوه الاتفاق والاختلاف أيضاً؛ ولكن الاختلاف في مصلحة اليونان أيضاً
فعدد سكان الروسيا ١٨٥ مليون، وعدد سكان فلندا ثلاثة ملايين؛ وعدد سكان إيطاليا ٤٠ مليوناً وعدد سكان اليونان ثمانية ملايين. كانت الروسيا تحارب فلندا وحدها أما إيطاليا فتحارب إنجلترا في مصر وفي شرق أفريقيا، ثم اشتبكت بالحرب مع اليونان.
فلندا واليونان
حقيقة إن الروح المعنوية في فلندا كانت عالية، فباع جنودها أرواحهم بيع السماح، ووفقوا في أول أمرهم توفيقاً كبيراً وهو ما نرى مثيله عند اليونان وإن كانت اليونان تمتاز بعدد أوفر من الرجال تستطيع أن تضعه في ميدان القتال، فلا شك أن عدد المجندين الذين يمكن الانتفاع بهم في ثمانية ملايين يزيد على ضعفي العدد الذي يستطاع تقديمه من ثلاثة ملايين فقط