وأن اليونان تمتاز - في وضعها الجغرافي - بميزة عظيمة، فميدانها قريب من الميدان الشرقي؛ ومواصلاتها معه سهلة لا تعترضها صعوبات تمنع من إمدادها بالمساعدات العسكرية السريعة، وتجهيز جيوشها الباسلة بالعتاد الحربي الذي كان نقصه السبب الأساسي في هزيمة فلندا التي تعذر إمدادها بالذخائر والجنود لصعوبة مواصلاتها مع إنجلترا، ولعدم وجود مرا فيء لها على بحر الشمال، ولمعارضة النرويج أثناء الحرب الفلندية في السماح للجنود المحالفة بالمرور في أرضها، فكانت هذه المعارضة وحدها عاملاً كافياً لحبس المساعدة عن فلندا
أما في اليونان، فالجزء الشرقي في البحر الأبيض المتوسط يقع تحت السيطرة الكاملة للأسطول البريطاني، ويقع في منتصفه تقريباً جزيرة كريت اليونانية التي احتلتها القوات البريطانية، واتخذت منها قواعد حربية لإفساد خطط إيطاليا، ولإمداد اليونان بما يستطاع تقدمه من الرجال والمعدات، وإذا كانت بريطانيا قصرت معونتها لليونان على المعونة البحرية والجوية الآن فالغرض من هذا الاحتفاظ بقوتها البرية في ميادين أكثر أهمية وهو الميدان المصري الذي يعتبر تعزيزه تهديداً قوياً يشتت شمل القوات الإيطالية ولا يسمح لها بتوجيه ضربتها الحاسمة إلى اليونان
من ألبانيا
وقع في إيطاليا صعوبة أخرى فهي تهاجم اليونان من ألبانيا، ونظرة واحدة في خريطة البحر الأبيض تبين الفاصل البحري بين إيطاليا وألبانيا، وتبين أن طريق الإمدادات الإيطالية يجب أن يعبر البحر، فيسهل على أسلحة الطيران تهديده من جزيرة كورفو أو من غيرها، فضلاً عما يحتاج إليه النقل البحري من وقت واستعداد يفوق النقل البري؛ أضف إلى ذلك أن ألبانيا من الدول المحتلة التي تسعى للخلاص من الفاشست، فإذا كان أهلها لا يستطيعون الثروة بضغط الحديد والنار، فإنهم يكفون يد المساعدة للقوات الإيطالية على الأقل
والحوادث العسكرية في اليونان تشابه إلى أمد بعيد مثيلتها في فلندا، ففي الحرب الفلندية أحرز الفلنديون عدة انتصارات حربية، وأوقعوا بالشيوعيين خسائر فادحة حتى أعجب العالم ببسالة ذلك الشعب الصغير، إلا أن الحظ أو الموقع الجغرافي للمدن السوفياتية لم