[الغريبة]
(من ديوان (أغاني الليل)، الذي سيطبع قريباٍ)
للأستاذ عمر أبو قوص
خرجتُ عند الأصيل منفرداً ... أضرب في الأرض حاملاً شجنا
وكان فصل الخريف قد بدأت ... آفاقهُ تحمل المزُنا
وكانتِ الروحُ وهي والهةٌ ... تندب حباً رعيته زمنا
فأبصرت مقلتاي عن عرض ... غريبة قد تهالكتْ وهَنا
فقلت للنفس هاهنا فقفي ... أو فاطلبي الأفْق بعدها وطنا
يا زهرة في الحديقة انفردت ... أما ترين الأوراقَ والغصُنا
الركب ولَّي وأنت باقيةٌ ... تحيين أمجادَهُ وما فطِنا
أأنت قربانُ عاشقٍ دنفٍ ... قدَّم للحب روحهُ ثمنا
أم شاعر في الحياة معتزل ... يحُلمُ فيها ليقتلَ الزمنا
أم بسمة في الخريف شاحبة ... لما تعرَّى ليلبس الكفنا
أم نجمة في النجوم شاردة ... حطَّت على الأرض تبتغي سكنا
كأن فيك الكافورَ منتشراً ... يبعث فيَّ الفتور والوهنا
فيذهب الوهم آخذاً بيدي ... حيث أزور القبور والدمنا
أيّ غريب مضى لطيته ... يطوي الفيافي والسهل والحزَنا
حتى إذا مات لم يجد أحداً ... يبكي عليه ولم يجد سكنا
فكنت في البر أنت شاهدة ... عليه تبكين قلبه حزنا
أم هو في أهله وقد جهلوا ... أسراره والدموع والشجنا
غريب روحٍ مستوحش أبداً ... إن حلَّ لم يسترح وإن ظعنا
وعدت للبيت والدجى ظهرت ... راياته والنهارُ قد جبُنَا
وعاد كلٌّ لأهله فزعاً ... حتى إذا صار بينهم أمنا
وكانت الريح وهي ثائرة ... تعصف عصفاً والغيث قد هتنا