للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[تعقيبات]

للأستاذ أنور المعداوي

بودلير في رأي سارتر

في العدد الأسبق من الرسالة باب (من هنا ومن هناك) كلمة عن (تحديد التراث الأوربي في دراسة أعلامه) للكاتب الأمريكي ويليام باريت. . قال الكاتب الأمريكي في سياق هذه الكلمة وهو يشير إلى الشاعر الفرنسي شارل بودلير: (أما بودلير فالرأي بين النقاد السكسونيين وفي طليعتهم الشاعر العظيم ت. س إليوت أن بودلير في قرارته شاعر مسيحي برغم ما يشتم في كتاباته من إلحاد. وجدير بالذكر أن جان بول سارتر الفرنسي يخالف النقاد السكسونيين في (مسيحية) بودلير. وسارتر في دراسته الأخيرة يجرد بودلير من معظم المزايا الأدبية والروحية التي وفرت له مكانته المرموقة في الأدب الغربي الحديث!).

هذه الفقرة التي نقلتها الرسالة عن الكاتب الأمريكي وهو في معرض الحديث عن رأي سارتر في بودلير، كانت مسرفة في الإيجاز بحيث لا يخرج منها القارئ بتلك المقدمات التي بنى عليها الكاتب الفرنسي رأيه في مواطنه الشاعر. . لماذا خالف سارتر النقاد ي (مسيحية) بودلير ولماذا جرده من معظم المزايا الأدبية والروحية؟ هذا هو السؤال الذي يحتاج الجواب عنه شيء من الإفاضة أو شيء من افسهاب! أما نحن فقد تناولنا هذا الموضوع يوما بالتحليل والعرض وكان ذلك منذ سنوات ثلاث، حيث قمنا إلى القراء تلخيصاً أمنياً لتلك الدراسة النفسية المحلقة التي تضمنها كتاب سارتر عن بودلير. . ولا مناص من أن نعود اليوم إلى بعض ما قلناه بالأمس، لأن هناك فريقا من القراء لم يطع على هذا الكتاب أو هذه الدراسة، ولأن هناك فريقاً آخر قد فاته أن ينظر فيما قدمناه من عرض لها وتحليل. . وكلا الفريقين يستطيع في ضوء هذه العودة التي تطوي بها الأعوام أن يفتح باب المعرفة من جديد؛ معرفة رأي الكاتب الفرنسي في مواطنه الشاعر وهو الرأي الذي يخالف به كل ما ذهب إليه النقاد!.

من هو بودلير في رأي سارتر؟ أنه الرجل الذي كان يفتش عن الآلام في كل مكان، ويسعى إليها سعيا متواصلاً يثور عليها آخر الأمر تلك الثورة السلبية العاجزة التي لا تدفع

<<  <  ج:
ص:  >  >>