قلنا إن رواية (الذبائح) التي وضعها المرحوم أنطون يزبك كانت ذات أثر سيئ في النهضة المسرحية. ولقد نسج على منوالها يوسف وهبي فوضع (الصحراء) ثم وضع (أولاد الذوات) ثم (أولاد الفقراء) وقد نجحت هذه الروايات لكنها استبدلت لمسرح رمسيس جمهوراً بجمهور فأصبح رواده من طبقة العامة الذين افتتنوا بيوسف وبرواياته التي كتبت باللغة العامية التي يفهمونها وباللهجة المبتذلة التي يتكلمون بها. ولقد عافت الآذان الشريفة أن تستمع إلى الألفاظ الكثيرة الساقطة التي ترد على لسان الممثلين والممثلات فهجر أصحابها مسرح رمسيس الذي انحدر انحداراً شنيعاً مع شدة الإقبال عليه من طبقة معينة من الجماهير كانت تأتي لتشاهد (أولاد الفقراء) وتعجب وتتأثر بالمآسي والفجائع التي حشدها يوسف وهبي فيها. ولم يكن يوسف ليعرف عظم الهوة التي ينحدر إليها، وقدر كبته أنانية المؤلف التي جعلته يعتقد ويجاهر بأن الكلمات التي يكتبها لا يجوز التبديل فيها كما لا يجوز التبديل في القرآن. ولهذا فقد استمر يوسف في نهجه حتى وصل به الحال إلى أسوأ ما يصل إليه فنان
نعود فنقول إن يوسف وقد أراد أن ينتقم من النقاد وأن يهدم إلى جانبهم بعض الشخصيات المسرحية البارزة، قد قبل تمثيل رواية (الوحوش) للأستاذ محمود كامل ورواية (تحت العلم) للأستاذ عبد الرحمن رشدي، وليس هذا أوان التحدث عن هاتين الروايتين، وإنما يكفي أن نقول إن الأستاذ محمود كامل وضع (الوحوش) في سن الشباب قبل أن ينال الخبرة والمران وأن الأستاذ عبد الرحمن رشدي وضع (تحت العلم) وهو ليس بالمؤلف وما هو إلا ممثل فقط. ولقد سقطت الروايتان سقوطاً شائناً. ومن العجيب أنهما لم تسيئا إلى اسمي مؤلفيهما بقدر ما أساءتا إلى مسرح رمسيس. وهكذا أراد يوسف أن يطعن الآخرين