(قمة من القمم الشوامخ في أدب هذه الدنيا قديمه وحديثه)
للأستاذ محمود الخفيف
طالب فاشل
لما بلغ ليو السادسة عشرة من عمره أراد أن يلتحق بجامعة قازان، واختار قسم اللغات الشرقية إذ كانت بغيته أن يكون في غده من رجال السياسة؛ وكان لا بد لمن يلتحق بهذا القسم أن يجتاز امتحان اللغات العربية والتتارية والتركية، مضافا إليها بعض اللغات الغربية وبعض فروع المعرفة العامة، ونجح الفتى في بعض مواد هذا الامتحان وأخفق في بعض؛ وقد حصل في اللغة الفرنسية على أعلى درجة، وتفوق في الألمانية والعربية والتركية، وكان أقل من ذلك جودة في المنطق والرياضة واللغة والإنجليزية والأدب الروسي؛ أما التاريخ والجغرافيا فقد كان نصيبه فيهما الرسوب إلى حد بعيد، وقد ذكر عن نفسه أنه سئل أن يعدد المواني الفرنسية فما استطاع أن يذكر منها واحدة؛ ثم أعيد امتحانه بعد أشهر فيما رسب فيه فنجح وقبلته الجامعة منتسباً. . .
وجلس بين صفوف الطلاب، منصرفاً أكثر وقته عما يقول الأساتذة، يقلب عينيه في أقرانه حيناً فيعجبه منظر هذا وتضحكه هيئة ذاك؛ وينظر إلى الأستاذ حينا فيسخر مما يقول أو يرسم صورة هزلية؛ ثم ينشغل عما حوله حينا كأنما أخذته عن نفسه فما يفيق إلا على نهوض الطلاب ينطلقون من درسهم، فيسرع في انطلاقه منه لأنه ضائق به صدره. . .
وكيف يجعل الفتى للدرس باله وإنه لفي شغل تارة بما يطوف برأسه من أحلام الشباب وأوهامه، وآونة بما يهبط على خاطره من أفكار منها ما يتصل بالدين ومنها ما يتصل بالحياة. . .
أما عن الشباب وأحلامه فقد كان له في قازان مجال أي مجال للهو واللعب، وألفى الفتى نفسه وقد أخذ حب اللهو عليه كل مذاهبه وطالعته مفاتن الحياة ومسراتها من جميع أقطاره، وهو فتى متوثب الشباب تعتلج في نفسه عواطف شتى من الحب والطموح والشهوة وكل