للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

وحي نفرتيتي

معجزة الإيمان والحب

للأستاذ عزيز أحمد فهمي

١ - مع الربيع

في إبريل من إحدى السنين ولد أدولف، فانساق إلى الحياة مع الربيع

أول نسمة أنعشت رئتيه كانت مشربة بروح من العطر والطيب، وأول صورة وقعت على عينيه كانت مزركشة بزخارف صاغتها يد المبدع البديع، وأول صوت طرق أذنيه كان تنهيدة من نسمة رشيقة حنون، وأول ما رشف من عصير الحياة كان رحيقاً من روح الثمر الطيب الذي تتبرج به الدنيا في الربيع

ويا شقاء الذي يهبط الأرض في الربيع. . . أو. . . يا سعده؟ يتدلى إلى الدنيا فيراها أول ما يراها: باسمة راقصة، مرتلة فرحة، قد أسكرتها نشوة التسبيح. وهو ينطلق إليها وكله روح وكله شعور: لم يعشش فيه العقل، ولم يعفّن نفسه الحذر. . . فلا عجب إذا صدّق الدنيا وأحبها، ولا عجب إذا اطمأن لها، ولا عجب إذا بادلها تسبيحاً بتسبيح

وإن هو إلا حين، ثم يعقب الربيع صيف، ومع الصيف لفحات من سعير؛ ثم يتلو الصيف خريف، ومع الخريف أشباح من فناء معتم مخيف؛ ثم يعقب الخريف شتاء، ومع الشتاء صقيع من موت معربد ينخر الصدور

ولكن وليد الربيع يحتضن صورة الربيع، فمهما تلونت الحياة بين ذراعيه، ومهما أفاق لهل مع الحادثات فرآها الحرباء التي لا تثبت على لون. . فهو لا يزال يرجو منها الخير ويأمل أن تعاوده صورة الربيع

وإنها لتعاوده. توافيه وتبارحه؛ وعلى أمل لقياها وفي ذمة فرحتها يصبر على شقوتها وعلى وحشة ظلمتها

أحبها. ومن حبه لها استشف الحسن في قبحها، والخير في شرها، وما فيها من شر! وإن هي إلا صور!

<<  <  ج:
ص:  >  >>